للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحين نضم هذه الملاحظات نحقق أمرين هما:

١- تحليل هذه الصور في ذاتها تحليلًا موضوعيًّا وفنيًّا يشكف عن هذا الجانب من الإبداع الفني الذي حققه الشعراء.

٢- البحث عن رموز هذه الصور بردها إلى أصولها الميثولوجية التي صدرت عنها.

وإن مثل هذا التحليل الميثولوجي يحتاج إلى معرفة واسعة وعميقة بحضارة الجاهليين، وثقافاتهم، وفلسفتهم في الحياة والموت, وتحديد تلك الروافد الثقافية والدينية والميثولوجية التي انتقلت إليهم من الحضارات المجاورة.

ويقسّم هذه الصور إلى صور جزئية وصور كلية أو لوحات، ويرى أن عناصر الصورة هي: العنصر الزمني, وقد اتخذوه أصلًا، والمقابلة، والحركة.

وفي عمله الثاني "التفسير الأسطوري للشعر الجاهلي"، يعترف منذ البداية بأن البحث محاولة مقترحة "لقراءة الشعر الجاهلي في ضوء المنهج الأسطوري ليست سوى خطوة عن طريق الدراسات الخصبة التي ظفر به الشعر على أيدي القدامى والمحدثين من النقاد، وهي دراسات تنوعت مناهجها، واختلفت نتائجها، ولذا فإن عمله في هذه القراءة الجديدة يتلخص في تجميع أفكارها، والربط بين عناصرها المختلفة، وباختصارٍ, فما يقوم به إنما هو إعادة تركيب هذه العناصر وتأليفها بضمِّ ما تفرق منها, لنخلق منها ما يصح أن يسمَّى منهجًا جديدًا يفك مغاليقه، ويكشف عن كنزه التي ظلت خافية على الدارسين القدامى والمحدثين أيضًا.

وعندما يشرع في تحديد خطوات المنهج الأولية يراها في ضرورة تحديد المدلولات اللغوية بعامة والشعرية بخاصة تحديدًا تاريخيًّا دقيقًا، أي: نحن بحاجة إلى معجم لغوي تاريخي، يطلب ذلك لنضع أيدينا على طبيعة الفكر العربي في صورته الصحيحة، وبذا يمكننا أن ندلف إلى حل مشكلات الشعر الجاهلي الأخرى؛ من تفسير الصورة الشعرية بالكشف عن أصولها الميثولوجية والشعبية القديمة، وفهم مغزى هذه التركيبة الموضوعية الغريبة المعروفة بالأغراض الشعرية، كما يمكننا بحل المعضلة اللغوية أيضًا الكشف عن منابع الفن والإبداع في الشعر الجاهلي، كما تعيننا أيضًا على الفصل في القضية المزمنة، قضية توثيق الشعر الجاهلي.

ويؤكد الباحث وجود التخلّف اللغوي الذي لا يزال يجثم بكلكله على الدراسات اللغوية المعاصرة على المستويين العام أو الأكاديمي، ويؤكِّد أن تحليل

<<  <   >  >>