ويتناول كذلك "الصيد" وأداته حصانه الأسطوري، من خلال معلقة "امرئ القيس"، ويتناول كذلك "المطر"، ويجعل منه مطر أسطوريًّا.
ويرى الباحث أن كل شاعر من شعراء الجاهلية لديه "مقولته" التي تختلف عن مقولات غيره، وذلك بالرغم من أن الأغراض التي تتألف منها هذه القصائد لم تختلف كثيرًا في قصيدة عنها في الأخرى، وسبب ذلك أنها استحالت إلى "وسائل فنية"، يعبّر الشعراء من خلالها عن أفكارهم المختلفة.
ويخصص بقية بحثه للحديث عن "الموسيقى" في الشعر, وخلاصة رأيه:
١- إن القدامى قد خلطوا بين الوزن والموسيقى من ناحية، والقافية من الناحية الأخرى, وأكدوا بما أخذوه على بعض الشعراء من أخطاء في الأوزان والقوافي، ثبات النظام الموسيقى في صورته التي استخلصها الخليل بن أحمد من ناحية أخرى, ومن ثَمَّ أخذت تتردد في كتاباتهم كلمات: الوزن والنظم والقافية دون كلمة "الموسيقى" أو "الإيقاع".
٢- إن المحدثين قد اتخذوا من عيوب "علم العروض" وقصور مقاييسه عن الكشف عن أسرار الشعر الموسيقية، عيوبًا للنظام الموسيقي للشعر القديم نفسه.
لقد أخذ الاتجاه النقدي الذي يربط بين الأوزان والمعنى يغزو النقد العربي الحديث منذ وقت مبكر، في كتابات المرصفي والبستاني والرافعي والنهويهي وغيرهم, وقد بالغ النويهي في تأكيد هذه الصلة بين بحر القصيدة وموضوعها في كتبه ودراساته التي خصَّصَها لتحليل نماذج من الشعر القديم، مبالغة وجعلت لكل بحر وظيفة بعينها.
أما الدكتور عبد الرحمن فيرى بأنَّ اتساع الوزن الواحد لأغراض القصيدة المختلفة، وتنوع موسيقى هذه الأغراض واستجابة هذا الوزن لمذاهب الملحنين وأداتهم، وأصوات المغنيين وإمكاناتهم، وأذواق المستمعين وعواطفهم المتباينة، يؤكد ما يذهب إليه من قدرة هذه الأوزان على مواجهة عواطف الشعراء المتغيرة مواجهة موسيقية خصبة ومتغيرة أيضًا، وذلك بخلق ألوان من الموسيقى الشعرية في القصيدة الواحدة، لها القدرة على إحداث تأثيرات متباينة في قراء هذا الشعر ومستمعيه ... كما يؤكِّد زيف هذه الآراء التي تربط بين الأوزان نفسها ومعاني القصائد وأغراضها، وهو زعم يبطله تنوع أغراض القصيدة واختلاف معانيها، وتباين