للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من النمط الأول، وهو مستوى الكينونة على شفار السيف التي عاناها الإنسان الجاهلي. وهنا يتواشج الاحتفاء بالحياة ويلتحم مع إحساس مأساوي بحتمية الموت, والطبيعة اللا نهائية للحياة نفسها، والعكس بالعكس، ويسمّي هذه الازدواجية بين الإيجابي والسلبي بزمن التوتر الأبدي القائم كل لحظة.

ويميل التيار وحيد البعد إلى التبلور في إحدى البنيتين: بنية وحيدة الشريحة، وبينة متعددة الشرائح، أما التيار متعدد الأبعاد فيتبلور دائمًا في بنية متعدد الشرائح.

ومن أجل إضاءة منهج التحليل الذي يعتبر مهمًّا في هذه الدراسة كلها, فإنه يقتصر على اكتناه وحدة الأطلال في المعلقة اكتناهًا دقيقًا, ويعلل اختياره وحدة الأطلال بعاملين هما:

١- لأنه يعتمد تصورًا مغايرًا للطرق التقليدية في تحديد القيمة الدلالية للوحدات المشكلة للقصيدة, وفي تأويل خصائصها البنيوية.

٢- لأن الشروح والتعليقات على القصيدة، بل على الشعر الجاهلي كله، قاصرة قصورًا مدهشًا؛ لأنها تتحرك على المستوى اللغوي السطحي للقصيدة، وهذه طريقة ليس في مقدروها النفاذ إلى البنية العميقة للقصيدة المفتاح بشكل خاص, أو إلى بنية الشعر الجاهلي بشكل عام.

والقصيدة الأساسية التي تدور حولها الدراسة هي بنية القصيدة في القصيدة الجاهلية, لإبراز التنوع في الخطوط المضمونية بروزًا واضحًا, وليتميز مشكلًا ملمحًا يسهل إدراك كونه أحد الملامح الأساسية للقصيدة، وإن أحد المنطلقات الأساسية للتأويل المقدَّم في هذه الدراسة هو التشابه المثير الذي يمكن رصده في بنية الأسطورة, وبين بنية التيار المتعددة الأبعاد, ويطرح سؤالين؛ أولهما: هل يمكن على أساس هذا التشابه أن نتحدث عن البنية الأسطورية للتيار المتعدد الأبعاد؟ والثاني: ما النتائج التي يقود إليها تطبيق منهج لفي شتراوس في تحليل الأسطورة على التيار المتعدد الأبعاد؟

ويعترف الباحث بأن هذه المرحلة الأولى من الدراسة لا تمثّل منهجًا بنيويًّا محكمًا حرفيًّا، بل منهجًا طوره خصيصًا من أجل تحليل القصيدة؛ من حيث هي نتاج لخيال خلاق يفعل ويحقق ذاته عبر اللغة، التي يختلف دورها في الشعر اختلافًا جوهريًّا عن دورها في الأسطورة. وهذا المنهج يحتاج إلى تنقية وصقل, وقد يحتاج إلى تعديل.

<<  <   >  >>