للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالقبيلة تبدأ بالرحلة حين يموت الخصب، والمرأة تفارق الشاعر في حالة من التوتر والصد، وحمار الوحش يرحل وقد ضرب ولطم ودكم من قبل الحمر الأخرى.

٨- يقترح الباحث تطبيق الطريقة التالية على قصيدة واحدة يفترض أنها تمتلك "بنية أسطورية", وتسجل بعد ذلك في المخطط جميع اللوحات الأولية المميزة في كل وحدة مشكلة، ثم تنظم أعمدة ملائمة، خالقة هكذا "بوصفها حزمًا في العلاقات" الوحدات المكونة الإجمالية للقصيدة, وبعد ذلك ينبغي أن تحلل الوحدات الأولية وتكتنه اكتناهًا متقصيًا حذرًا من أجل أن يكشف كون أيٍّ منها تحولات لعلاقات أخرى أكثر حسية، من بين العلاقات المتعددة في القصيدة.

٩- في رأي الباحث أن ثَمَّةَ مثلين واضحين على التحولات التي تطرأ في الشعر الجاهلي؛ هما موضوعا الفخر والمديح اللذان يبدوان تحولين للقوة الخالقة للحياة في التصور الجاهلي للكون, هذه القوة التي تنسب إلى عناصر أخرى في الطبيعة.

١٠- حينما يقارن بين معلقة لبيد وعينية أبي ذؤيب يرى أن ثَمَّة فروقًا جوهرية بينهما في الرؤيا للوجود، وللثنائية الضدية الأساسية: الحياة/ الموت, ورؤيا لبيد للحياة والموت أكثر كثافة وتشابكًا وتعقيدًا, ولبيد يرى قوى معينة تشكل توسطًا بين الحياة والموت، فالتوالد يؤكد الحياة في قلب الموت, وقد ينفي الموت ويتجاوزه عبر التناغم والحب اللذين يمكن أن يوجدا، إلّا أنه نفي مؤقت.

ويتساءل الباحث: هل يمكن عزو الفرق في الرؤيا بينهما إلى السياق الثقافي والفكري والاجتماعي الذي كتبت فيه كلّ من القصيدتين وكيف؟ فهما مخضرمان، لكن لبيد نظم معلقة في الجاهلية، وأبو ذؤيب نظمها في الإسلام.

أيمكن أن يفسِّر الغياب المفاجئ من قصيدة أبي ذؤيب لأي إشارات إلى وحدات أكثر من وحدة الذكر -الأنثى, والأب - الابن، وتفسر حقيقة كونه لا يتصور القبيلة أو الذات الجماعية بوصفها قوة من قوى الحفاظ على الحياة, والاستمرارية في إطار انهيار القبيلة وتفككها من حيث هي وحدة للتفاعل الجماعي، والولادات، وأنظمة الإيمان، والتصورات, والحماية المتبادلة في السنين الأولى، بعد ظهور الإسلام؟

<<  <   >  >>