للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تتشكل في لحظة توتر مهيمن, وتكمن هذه الطبيعة المسأوية في رؤيتها للقوة المضادة القادرة على مجاوزة الموت والتغير, ولكن هذه القدرة لا تتحقق إلّا عن طريق حدَّة العاطفة والاستجابة الحسية, فبواسطتها يستطيع الإنسان التغلب على قدره، ويستطيع بواسطة الحيوية التي تحققها الذاكرة أن يتخطَّى هشاشة التجربة.

٢٦- أما الإنسان في القصيدة الشبقية فلا يرتبط بالإنسان عمومًا، ولا بعالم الحيوان، والحيوان رمز للحيوية المجرَّدة من أي تعاطف نحو الشاعر, أما النبات فيستخدم لتجسيد أشكال الجمال وللتعبير عن القيم الجمالية الجذابة، أو أنها تستخدم كشيء يدرك بالحواس، ويشكل عناصر تساعد على الحدة الحسية، لهذا السبب لا يصبح لها وظيفة رمزية.

٢٧- وفي معرض المقارنة بين القصيدة الشبقية والقصيدة المفتاح من حيث مستوى التعارضات التي تتولّد عنها الرؤية المجردة في كل منهما, إلى جانب مستوى الوحدات التكوينية والبنى التي تسجد هذه الرؤية, فالمفتاح يتحرك في إطار تعارضات هي: الموت/ الحياة، الجفاف/ الطراوة، الجذب/ الخصب، العرضي/ الدائم، والانقطاع/ الاستمرارية. وتهتم القصيدة بالخصب والتناسل؛ لأنهما قوى الاستمرار والبقاء، ومن ثَمَّ اهتمَّت بالذرية القبيلة وقيمها, أما القصيدة الشبقية فعلى النقيض, فتعارضاتها: الهشاشة/ الصلابة، ما هو معرض للزمن/ لا زمني، خمود الحيوية/ الحيوية، النسبي/ المطلق, السكون/ الحركة، التأملي/ العاطفي. ولهذا السبب تغيب الذرية والقبيلة وقيمها، وتظهر الرؤية فردية إلى حد كبير.

٢٨- والخلاصة أن القصيدتين تجسدان رؤيتين متضادتين للواقع ومتمايزتين.

أما العمل البنيوي الثالث للدكتور كمال أبو ديب فهو دراسة موسَّعة شملت أكثر من ستمائة وخمسين نصًّا شعريًّا وردت في جمهرة أشعارة العرب والمفضليات والأصمعيات ودواوين الشعراء: امرئ القيس، وزهير، وطرفة، والأعشى، وعروة، وعامر بن الطفيل، وعنترة.

أما مسوغاغ عمله الموسع هذا فهي:

١- ضمور العمل التحليلي في دراسة الشعر الجاهلي ومحدودية المادة التي

<<  <   >  >>