للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المنطلق، ورفض لأن تحكم الفرضيات المسبَّقة عملية الاستقراء النقدية المهمة تلك, فقد بدأت المدرسة الشكلية الروسية في أوائل هذا القرن بتركيز عنيد على الجوهر الداخلي للعمل الأدبي.

وقد بدأ الشكليون بعزل الجوهر نفسه, وبتخليص موضوع دراستهم الخاص من مختلف الموضوعات والمناهج الأخرى، وذلك من خلال دراسة منظمة لما يدعوه جاكوبسون بالأدبية, أي: العناصر المميزة للأدب نفسه.

إن علاقة الأدب بالمجتمع أكثر تعقيدًا وتركيبًا مما صورتها به التناولات التقليدية التي درات في فلك الرؤى الاجتماعية المختلفة؛ لأنها ليست علاقة قائمة على أن الأدب يعكس أو يعلق على الواقع، أو حتى بين عناصره غير المتجانسة أو المتضادة، ولكن على أن الأدب يستهدف خلق علاقة مغايرة كيفيًّا للعلاقات المألوفة بين الإنسان والعالم، علاقة تسمح بتجديد إدراك الإنسان الحسي أو الكلي لنفسه وللعالم على السواء. وهذا لا يتأتَّى دون علاقة عميقة مرهفة ومعقَّدة معًا بين الأدب والمجتمع، علاقة من نوع خاص جدًّا، يهتك ألفة الإنسان بالعالم دون أن يفقده اتساقه, أو يشعره بالغربة فيه, أو العجز من فهمه, والتعامل معه, ولكن هذه العلاقة الجديدة لم يفد منها إلّا دعاة البنائية.

وقد أضاءت اكتشافات العالم اللغوي "سوسير" الكثير من الموضوعات والنشاطات الإنسانية, وتقوم على فكرة أنّ علم اللغة مفيد في الظواهر الثقافية الأخرى على مفهومين جوهريين: أولهما: أن الظواهر الاجتماعية والثقافية ليست مجرد مدركات وأحداث ذات معنى ودلالة، ليست إشارات، وثانيهما: أنه ليس ثمة جوهر لهذه الظواهر؛ لأن ما يحددها هو شبكة دقيقة من العلاقات ذات الدلالة بصورة تمكن الناقد من البعد عن التهويمات الانطباعية.

وقد خلص أحد الباحثين١ إلى مفاهيم أساسية في النقد الأدبي الاجتماعي هي:

١- التعامل مع الأدب بوصفه نظامًا اجتماعيًّا.

٢- جدلية العلاقة بين العمل الأدبي والواقع الاجتماعي من حيث التأثير والتأثر.


١ صبري حافظ، مجلة فصول، مجلد٤، عدد١ "١٩٨٣", ص٧٧ وما بعدها.

<<  <   >  >>