للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكننا لم نقبل على الشعر الجاهل بمقاييس محددة مضبوطة صارمة ننتظر تحققها فيه, ونسلتزم وفاءه بها، فنرضى عنه إن حققها، ونسخط عليه إن أخل بها"١.

أما مجاله أو المادة التي انتقاها من الشعر الجاهلي فتسع قصائد، ست من المفضليات، واثنتان من ديوان زهير، وواحدة من المعلقات العشر، إضافة إلى مقطوعات وأبيات مفردة قليلة, وهذا يعني أن الأحكام التي يصل إليها ليست قاطعة بسبب قلة النماذج إذا ما قورنت بحجم الشعر الجاهلي.

ويرى النويهي أن الشعر العربي لا يدرس بمعزل عن المعرفة التامَّة المحيطة به، سواء ما كان متعلقًا بالأديب أو ما كان متعلقًَا بالبيئة الطبيعة والاجتماعية التي تحيط بالأدب وإنتاجه، والدراسة الفنية لهذا الشعر تكون "محض تخريف وهجس إذا لم تربطه ربطًا وثيقًا بهذه الأحوال والأوضاع والعناصر والظروف"٢.

ويخصص النويهي الفصل الأول لـ "عناصر الموسيقى الشعرية"٣, وخلاصة ما يراه: إن الإيقاع العام للبحر يجب ألّا يغفلنا عن الاستماع الدقيق إلى الإيقاع الخاص للكلمات مضافًا إليه اختلاف النغم، وإذا بدأنا نلتفت إلى تنويع الشاعر في أبياته وشطوره لهذا الإيقاع الداخلي للكلمات، وأدركنا كيف ينسجم هذا التنويع مع تقلب فكرته وعاطفته٤, ويحاول كذلك أن ينفي ما أنكره بعض النقّاد وهو ملاءمة البحور المختلفة للعواطف المختلفة، وحجتهم في ذلك ان البحر الواحد يستعمل لمختلف العواطف. ويرد عليهم بأنها تختلف في درجة العاطفة, وإن لم تختلف في نوع العواطف التي تصلح لها البحور. وبعبارة موجزة: فإنه يربط بين البحر ودرجة العاطفة٥, وأما القافية فيرى أن الأمر فيه ما زال بحاجة شديدة إلى مزيد من الاستقراء٦.

يتناول في الفصل الثاني "الحرف المتردد والحكاية الصوتية" على أنهما من


١ النويهي: الشعر الجاهلي ٢٥.
٢ نفسه ٣٠.
٣ نفسه ٣٩-٦٤.
٤ نفسه ٥٦-٥٧.
٥ نفسه ٦٢.
٦ نفسه ٦٣.

<<  <   >  >>