للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"الوسائل البلاغية"١. ويرى أن القيمة الموسيقية للكلمة لا تقتصر عليها مفردة, بل تمتد إلى موضعها من الجملة الشعرية وما بين الكلمات المتعاقبة من تنسيق وتجاوب في النغم، أو تنافر مقصود فيه. وإن القدماء التفتوا إلى أنواعٍ من التجاوب؛ كالجناس والتشريع والتفويف والتسميط، ولكن هناك وسائل لم ينتبهوا إليها, ومنها ترديد الحرف الواحد في كلمتين أو كلمات متتابعة أو متقاربة٢, ويرى كذلك أن البلاغيين والنقاد القدامى لم يستفيدوا مما نبه إليه علماء اللغة من ملاءمة بعض المصادر بأوزانها للمعنى المراد, مثل: "فعلان" الذي يعبِّر عن اضطراب وحركة؛ لأنهم لو التفتوا إلى ذلك لأدركوا أن الشعراء في تصويرهم معانيهم وأداء أفعالهم وحركاتهم لا يكتفون باللفظ الواحد الذي سبقت اللغة إلى وضعه، بل يوقعون وينغمون كلمات متعددة في جملٍ أو أبيات كاملةٍ ومتعاقبة, حتى تطابق بإيقاعها وتنغيمها فكرهم وانفعالهم٣.

ويخصص الفصل الثالث للحديث عن "الخيال البصري"٤, فيرى أن أهم الخصائص التي تميز الشعر الجاهلي أنه انطباع بصري يلعب الخيال البصري دورًا عظيم الأهمية في بنائه وتكوينه، ولكي تصل إلينا أفكار الجاهلي علينا تشغيل مخيلتنا البصرية عند قراءتنا لهذا الشعر؛ لأن الفهم العقلي "لا يكفي لتفهم ذلك الشعر والخلوص إلى دقائقه البديعة خلوصًا يحقق الاستجابة الفنية الغنية"٥.

وفي الفصل الرابع يتحدّث عن "الحركة والحيوية"٦, وهو يرى أن في الشعر الجاهلي حقيقة كبيرة الشأن, وهي حكايته البارعة للحركة الموصوفة، حتى لينقل الشاعر إليك هذه الحركة نقلًا حيًّا بوسيلة الشعر الصادقة، وسيلة الإيقاع والنغم٧, ويمثل لذلك بأبيات من قافية زهير أولها:

كأن عيني في غزلي مقتلة ... من النواضح تسقي جنة سحقا


١ النويهي ٦٥-١٠٦.
٢ نفسه ٦٥.
٣ نفسه ٧٠.
٤ نفسه ١٠٧-١٢٠.
٥ نفسه ١١٢.
٦ نفسه ١٢١-١٤٨.
٧ نفسه ١٢١.

<<  <   >  >>