للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الوجه الخامس: علومه ومعارفه]

وبيان ذلك الوجه أن هذا القرآن قد نزل من عند الله -عز وجل- على نبيٍّ أميِّ، لم يقرأ ولم يكتب ولم يجلس إلى معلم، فألفيناه كتابًا جامعًا لأخبار الأولين والآخرين، حافلًا بالإشارات الدالة على ما في الكون من آيات وعِبَر، ومعلومات كانت مستترة عن سائر البشر، ومغيبات ما كان لأحد أن يعرفها إلّا عن طريق هذا الكتاب المبين.

ووجدنا فيه جميع أسباب الهداية، ووسائلها الحكيمة، وعرفنا منه ما يكون فيه صلاح الناس جميعًا في دنياهم وآخرتهم.

فقد اشتمل هذا الكتاب العزيز على كثير من العلوم والمعارف الكونية، والإنسانية، والمشتملة على أصول الإصلاح العقدي، والنفسي، والخلقي، والاجتماعي، والسياسي، والاقتصادي، والفكري، فكان بذلك كتاب هداية، ومنهج حياة.

"تقرؤه فإذا بحر العلوم والمعارف متلاطِمٌ زاخر، وإذا روح الإصلاح فيه قويٌّ قاهر، ثم إذا هو يجمع الكمال من أطرافه، فبينما تراه يُصْلِحُ ما أفسده الفلاسفة بفلسفتهم، إذ تراه يعدم ما ترَدَّى فيه الوثنيون بشركهم، وبينما تراه يصحح ما حرَّفه أهل الأديان في دياناتهم، إذ تراه يقدِّم للإنسانية مزيجًا صالحًا من عقيدة راشدة ترفع همة العبد، وعبادة قومية تطهِّر نفس الإنسان، وأخلاق عالية تؤهل المرء لأن يكون خليفة الله في الأرض، وأحكام شخصية ومدنية واجتماعية تكفل حماية المجتمع من الفوضى والفساد، وتضمن له حياة الطمأنينة والنظام والسلام والسعادة.. دينًا قيمًا يساوق الفطرة ويوائم الطبيعة، ويشبع حاجات القلب والعقل, ويوفِّق بين مطالب الروح والجسد، ويؤلف بين

<<  <   >  >>