للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الوجه السادس: إنه شيء لا يمكن التعبير عنه]

"وهو اختيار السكاكي حيث قال في "المفتاح": واعلم أن شأن الإعجاز عجيب، يُدرَك ولا يمكن وصفه, كاستقامة الوزن تدرك ولا يمكن وصفها، وكالملاحة، وكما يدرك طيب النَّغم العارض لهذا الصوت، ولا طريق إلى تحصيله لغير ذوي الفطر السليمة، إلّا بإتقان علمَيْ المعاني والبيان والتمرُّن فيهما.

وقال أبو حيان التوحيدي في "البصائر": لم أسمع كلامًا ألصق بالقلب، وأعلق بالنفس من فصل تكلم به بندار بن الحسين الفارسي -وكان بحرًا في العلم, وقد سُئِلَ عن موضع الإعجاز من القرآن فقال: هذه مسألة فيها حيف على المفتي، وذلك أنه شبيه بقولك: ما موضع الإنسان من الإنسان؟ فليس للإنسان موضع من الإنسان، بل متى أشرت إلى جملته فقد حققته، ودللت على ذاته، كذلك القرآن لشرفه لا يشار إلى شيء منه إلّا وكان ذلك المعنى آية في نفسه، ومعجزة لمحاوله، وهدًى لقائله، وليس في طاقة البشر الإحاطة بأغراض الله في كلامه, وأسراره في كتابه، فلذلك حارت العقول, وتاهت البصائر عنده"١.


١ "البرهان في علوم القرآن" ج٢ ص١٠٠.

<<  <   >  >>