للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مصير مصحف حفصة]

ولما نسخ عثمان -رضي الله عنه- المصاحف، وحرق ما سواها، ردَّ إلى حفصة المصحف الذي أخذه منها, وظل عندها حتى ماتت، وقد ردَّه إليها ولم يحرقه كما حرق غيره وفاءً بعهده لها، وعملًا بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} .

وقد علم أن وجوده عندها لا ينشأ عنه ما يخشى على القرآن منه؛ لأنها لا تسمح بتداوله بين المسلمين، ولولا مصلحة المسلمين في جمع الناس على مصحف واحد ما أرسلت به إلى عثمان، ثم إن حفظ هذا المصحف كتراثٍ تاريخي أمرٌ مهم.

لهذه الأسباب مجتمعة رَدَّ عثمان إليها المصحف.

"فلما كان مروان أميرًا للمدينة من جهة معاوية, أرسل إلى حفصة يطلب الصحف، فأبت أن ترسلها له، فأخذ يسألها وتأبى حتى توفيت".

قال سالم بن عبد الله بن عمر: فلما توفيت حفصة, ورجعنا من دفنها, أرسل مروان بالعزيمة١ إلى عبد الله بن عمر ليرسلنَّ إليه الصحف، فأرسل بها إليه عبد الله بن عمر، فأمر بها مروان فغسِلَت غسلًا، ثم شُقِّقَت، ثم أحرقت، ثم قال: إنما فعلت هذا لأني خشيت إن طال بالناس زمان أن يرتاب في شأن هذه الصحف مرتاب"٢.


١ أي: بالأمر الذي لا ينبغي مخالفته.
٢ انظر اللآلئ الحسان ص٩٣.

<<  <   >  >>