للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أسراره، ولتحمل هذا جواسيسه اليه فيضطرب أمره ويرتاب بمن كان يثق به، ومكاتبة من قدرت إجابته من جيشه من كاف حزم؟ " (١) .

وإذا تحدث ارسطاطاليس عن نوع السلاح الذي به تؤخذ الأهبة على نحو موجز: " وربما احتاج إلى آلات يقابل بها مكايد العدو كمنجنيق ينصب بازاء منجنيق وعرادة إزاء عرادة " (٢) ، وجدنا عبد الحميد يطيل في هذه الناحية ويتفنن في وصف ضروب الأسلحة اللازمة في موضعين من رسالته، وبحسبنا هنا للتمثيل أن نقتبس جزءا مما جاء في الموضع الأول: " وخذهم من السلاح بأبدان الدروع ماذية الحديد، شاكة النسج، متقاربة الحلق، متلاحمة المسامير، وأسوق الحديد مموهة الركب، محكمة الطبع، خفيفة الصوغ، وسواعد طبعها هندي وصوغها فارسي، رقاق المعاطف بأكف واقية وعمل محكم، وبلق البيض مذهبة ومجردة، فارسية الصوغ، خالصة الجوهر، سابغة الملبس، واقية الجنن، مستديرة الطبع، مبهمة السرد وافية الوزن؟ معهم السيوف الهندية وذكور البيض اليمانية رقاق الشفرات مسمومة الشحذ غير كليلة الحد، مشطبة الضرائب معتدلة الجواهر صافية الصفائح لم يدخلها وهن الطبع ولاعابها أمت الصوغ؟ الخ " (٣) . ودقة عبد الحميد هنا؟ كما هي في غير موطن - دليل على مبلغ معرفته التجريبية، كما أنها قد تشير إلى ابتهاجه بإظهار تلك المعرفة.

وفي النظرة إلى العدو يورد أرسطاطاليس هذه النصيحة: " ضع أمر عدوك على أن في الدرجة العليا من القوة ثم عامله بقدر ذلك، واقصده من قبل أن يطول وارتق الفتن قبل أن يتمكن من فاتقه " (٤) ويقابل هذا عند عبد الحميد: " معظما أمر عدوك لأكثر مما بلغك حذرا يكاد يفرط لتعد له من الاحتراس عظيما ومن المكيدة قويا " (٥) .

غير أنه لا يفوتنا أن كثيرا من هذه القواعد الحربية كان قد اصبح متأثلا في كل أمة، بحيث يمكن أن يكون التشابه فيها أقل من الفروق التي تصلح لأمة دون أخرى،


(١) الأصول اليونانية للنظريات السياسية: ٣١.
(٢) السعادة والإسعاد: ٣٢٦.
(٣) رسائل البلغاء: ١٩٦ وانظر الموضع الثاني: ٢٠٧
(٤) السعادة والإسعاد: ٣٣٢ وسر الأسرار: ٨٣ ومخطوطة كوبريلي: ٨٣.
(٥) رسائل البلغاء: ١٩١.

<<  <   >  >>