للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قبل أن يعرف أبا سليمان؟ وهل ظل يجهل أن لأستاذه كتابا يسمى " صوان الحكمة " بحيث لا نراه يقف عنده أو يسميه أبدا؟ إن العدد الذي يورده التوحيدي لا يختلف كثيرا عن ما ذكره اليعقوبي، وربما كان هذا الرقم يشير إلى عدد تلك الحكم في القرن الثالث، حتى إذا كان القرن الرابع أصبحت هذه الحكم تزيد على الثلاثين، فإذا رجعنا إلى مخطوطة كوبريللي (١٦٠٨) وهي متأخرة كثيرا ففي تاريخها؟ وجدنا هذه الأقوال قد بلغت ثلاثة وخمسين قولا، فكيف نفسر هذه الزيادة المطردة؟ قد يكون سبب ذلك تعدد المصادر التي أخذت عنها تلك الأقوال واختلافها فيما تورده منها، وفي مخطوطة كوبريللي ما يفيد الاعتماد على نسختين سابقتين تنفرد إحداهما بعدد من الأقوال لا يرد في الأخرى، وهذا يؤدي إلى الافتراض بأن الترجمة المبكرة لهذه الأقوال قد خلفتها ترجمة أو ترجمات متوالية أضافت كثيرا إلى النواة الأولى، ولعل المقارنة بين أبن البطريق والمسعودي؟ وهما متعاصران - يوضح هذا الخلاف في الأصول المعتمدة، فالأقوال متقاربة في العدد إلا أن ابن البطريق ربما كان يعتمد مصدرا سريانيا، ولهذا فإن المؤرخين لا يتفقان إلا في اثني عشر قولا مما يوردانه، ثم ينفرد كل منهما في سائرها. وقد عثر الأستاذ بروك على صورة سريانية من هذه الأقوال وجدها أقرب إلى ما أورده ابن البطريق والمكين وأبو شاكر مما هي إلى ما أوردته المصادر العربية (١) ، وإذا تقدمنا خطوة أخرى في المقارنة واتخذنا المسعودي والثعالبي محورا لها، وجدنا التقارب في العدد موجودا إلا أن الاتفاق لا يتعدى أحد عشر قولا، ينما ينفرد الثعالبي عن سائر المصادر، لا عن المسعودي وحده، في ثمانية عشر قولا لا يشاركه في بعضها إلا مصدر متأخر عنه مثل زهر الآداب لعله ينقل عنه أيضا. فهل نقول إن الثعالبي يعتمد مصدرا فارسيا قد تفرد في أكثر ما أورده من تلك الأقوال؟ أن تعدد المصادر واختلافها أمر محتمل، بل لعله السبب الأهم لا في تفسير الزيادة المطردة وحسب، بل في الخلافات الواردة في صياغة


(١) S. P. Brock: The Laments of the Philosophers over Alexander in Syriac، Journal of Semitic Studies ١٥ (١٩٧٠) PP. ٢٠٥ - ٢١٨، cf. P. ٢٠٧.
أما الصورة السريانية المشار إليها فأنها محفوظة في:
Mingana Syr. ٤٧، f. ٢٦٧
وقد وجدت المخطوطة في ألقش قرب الموصل، وتاريخ نسخها حديث (١٩٠٧) .

<<  <   >  >>