للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بعض النصوص المشتركة (١) ، غير أن لهذه الخلافات نفسها أسبابا أخرى منها اختلاف المترجمين وتفاوتهم في الميل إلى " تعريب " الأسلوب المنقول، ويبدو أن مثل هذا الميل كان موجودا في الدوائر الأدبية، وأنه كان أحيانا يعمي الأصل وينقل القول المترجم إلى حيز جديد، وهذه ظاهرة ستعالج على نحو مفصل تال. أما هنا فيكفي أن أقول: إن من قبيل هذا الانسياق وراء أضواء الأسلوب؟ في الحالين - ورود القول التالي على صورتين أسلوبيتين متفاوتتين:

المسعودي: يا عظيم السلطان اضمحل سلطانك كما اضمحل ظل السحاب؟ وعفت آثار مملكتك كما عفت آثار الرباب.

صوان الحكمة: ما كنت إلا ظل سحاب اضمحل، لما أظل، فما نحس لملكك أثرا ولا نعرف له خبرا.

فالتصرف الأسلوبي في العبارتين واضح ومقصود، والمعنى الأساسي واحد.

ومن صور التصرف اليسير في الترجمة دون محاولة لرفع المستوى البلاغي، ما يتصل بتلك القولة التي تومئ إلى أن الأسكندر وضع في تابوت من ذهب، وأن المفارقة قد تمت، بين الحياة والموت، فهو في الحياة كان يخزن الذهب، وفي حال الموت أصبح الذهب " خازنا " لجسده.

ابن البطريق: كفى بهذا عبرة أن الذهب كان بالأمس كنزا للأسكندر فأصبح الأسكندر اليوم بالذهب مكنوزا.

المسعودي: هذا الإسكندر الذي كان يخبأ الذهب فصار الذهب يخبأه.

الثعالبي: ما زال الإسكندر يكنز الذهب حتى كنزه الذهب الآن.

المبشر: كان الإسكندر يكنز الذهب والفضة ويصونه، والآن أصبح الذهب يصونه ويكنزه.


(١) أشار الأستاذ روزنتال إلى الاختلاف في نصوص تلك الأقوال، انظر:
The Classical Heritage، P. ١٢١
واختار من بينها نص الثعالبي وترجمه.

<<  <   >  >>