للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

" المترجم " هنا ناظر إلى نص آخر أو إلى نصوص أخرى غير هذا النسوب لارسطاطاليس، ذلك أن بعض الشبه يربط ما جاء هنا وبين نص منسوب لعلي بن أبي طالب (١) ، وربما حملنا هذا على القول بأن " الحكيم "؟ أو الذي نظم أقوال الحكيم - كان يتصيد كل ما يهمه في هذا المضمار، فالحكيم هنا لفظة لا تشير إلى رجل بعينه، وإنما قد تعني كل من يمكن أن تقتبس الحكمة عنه (٢) .

وقد أورد أسامة مجموعة من هذه الأقوال السياسية المحبوكة على هذا المنوال، ونسبها إلى " الحكيم " ولما لم يكن في مقدوري أن أرد جميع صور هذه الصياغة إلى الآثار المنحولة لارسطاطاليس، فإن خير ما أختم به هذا الفصل أن أثبت مجموعة من تلك الأقوال، تمثل مزيدا من الشواهد على هذه الطريقة، فربما اهتدى البحث لأصولها " الساذجة " فيما بعد:

١ - حاجة السلطان إلى صلاح نفسه أشد من حاجته إلى صلاح رعيته، وفائدته في إحسان سيرته، أعظم من فائدته في ثبات وطأته، لأنه إذا أصلح نفسه صلحت رعيته، وإذا أحسن سيرته ثبتت وطأته، ثم يبقى له جميل الأحدوثة والذكر، ويتوفر عليه جزيل المثوبة والأجر، لأن السلطان خليفة الله في أرضه، والحاكم في حدود دينه وفرضه، قد خصه الله بإحسانه، وأشركه في سلطانه، وندبه لرعاية خلقه، ونصبه لنصرة حقه، فإنه أطاعه في أوامره ونواهيه تكفل بنصرة، وان عصاه فيهما وكله نفسه. (٣) .

٢ - من ملكه الله من أرضه وبلاده، وائتمنه على خلقه وعباده، وبسط يده وسلطانه، ورفع محله ومكانه، فحقيق عليه أن يؤدي الأمانة، ويخلص الديانة، ويجمل السيرة،


(١) القاضي النعمان: دعائم الإسلام ١: ٤٢١ - ٤٢٢.
(٢) شاهد هذا على نحو لاشك فيه أن اقتبس عن الحكيم مرتين (ص:٧٤) وكان هذا الحكيم هو ابن المقفع، فالنصان الواردان عند أسامة هما في الأدب الكبير، (رسائل البلغاء: ٥٤،٤٩) ولكن دون تحوير أو اعتماد صياغة جديدة كما هو الحال فيما نسب إلى أرسطاطاليس.
(٣) هذه القطعة والثنتان التاليتان في لباب الآداب: ٥٨ - ٥٩، ٦١، والأساس الذي بنيت عليه القطعة الأولى موجود عند أرسطاطاليس في قوله: " أصلح نفسك لنفسك يكن الناس تبعا لك " (مختار الحكم: ١٩٣ ولباب الآداب: ٥٨) ولكن هذه الصياغة تجاوزت هذا الأساس إلى غيره.

<<  <   >  >>