فجاء أخي هذا يريد أن يذهب بها، فقلت: هلم إلى سيد السباع ليحكم بيننا، فمهما قال التزمناه، (وكان الأسد جائعا، فقال في نفسه: لا أعجل في أكل هذين، لكن أصبر ساعة حتى أقف على أمر الغنم، وهما في قبضتي) . قال: أين الشاء؟ قالا: في هذا البستان، وأشارا إلى بستان حصين له مجرى ماء ضيق، وقال أحدهما: أنا أرسل أخي حتى يخرج الغنم فيقسمها الملك، فقال: نعم، فقال الشامي: ادخل وأخرج الغنم وعجل، فدخل الشامي وأقبل يأكل من الثمار، فلما أبطأ قال العراقي: قد قلت للملك إنه ظالم، فإذن لي حتى أدخل خلفه وأخرجه إليك مع الشاء قميئا ذليلا، قال: أدخل وعجل. فدخل الثعلب البستان وأقبل يأكل من الثمار حتى شبع، ثم أشرف من الحائط على الأسد فقال له: يا أبا الحارث، أعلم أنا قد اصطلحنا فأمض في دعة الله، فجعل الأسد يضرب بذنبه الأرض ويستشيط، فقال له الثعلب: إنما أنت قاض، وما رأيت قاضيا يغضب من الصلح غيرك.
(البصائر ٢: ٧٢٧ - ٧٢٩ ومحاضرات الراغب ٢: ٤١٦)
- ٢٢ -
الكلب والعظام
قيل للكلب أنت تأكل عظاما وتخرا عظاما، فأيش ربحك؟ فقال: أدولب.
(البصائر ٢: ٧٣٩)
- ٢٣ -
في البئر مع دب وأسد
هرب رجل من أسد فوقع في بئر، فوقع الأسد خلفه، فإذا في البئر دب، فقال له الأسد: مذ كم لك ها هنا؟ قال: منذ أيام، وقد قتلني الجوع، فقال الأسد: أنا وأنت نأكل هذا الإنسان وقد شبعنا. فقال له الدب: فإذا عاودنا الجوع ما نصنع؟ وإنما الرأي أن نحلف له أنا لا نؤذيه ليحتال في خلاصنا وخلاصة، فإنه على حيلة أقدر منا، فحلفنا له، فتشبث حتى وجد نقبا فوصل إليه إلى الفضاء، وتخلص وخلصهما.