للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مصادره علمية تستشهد بالأدب، وعلى هذا قد تكون معرفته بالأدب اليوناني عارضة، ولكنها؟ في النهاية - معرفة دقيقة لارتباطها بالحقائق العلمية. بل لعل طبيعة الموضوعات التي عالجها البيروني في كتابيه " تحقيق ما للهند من مقولة " و " الآثار الباقية عن القرون الخالية " هي التي جعلته ينطلق إلى جذور الأدب اليوناني، لا إلى الأدب وحسب، وأعني بذلك الأسطورة اليونانية نفسها، وهي التي تحاشاها كل من كتب قبله، لأنها قد تتعارض والإيمان بالتوحيد. ولعل بعض الأمثلة التالية يوضح ما أعنيه:

(١) ولدزوس (Zeus) في جبل ديقطاون (Dicte) في قريطي (Grete) حيث كانت والدته تخبؤه من أبيه قرونس (Gronus) لئلا يبتلعه كما ابتلع غيره، ثم ما في التواريخ المشهورة من تزوجه بالنساء المعروفات واحدة بعد أخرى وإحبال بعض منهن مغصوبات غير منكوحات، ومنها أورفة (Europa) بنت فونيكوس (Phoenix) الذي أخذها منه أسطارس (Asterius) ملك اقريطي وأولدها بعده مينوس (Minos) وردمنتوس (Rhadamanthys) وذلك بعد زمان خروج بني اسرائيل من التيه إلى فلسطين، وما ذكر أنه مات بأقريطي ودفن بها في زمان شمسون الاسرائيلي، وله سبع مائة وثمانون سنة، وأنه سمي زوس لما طال عمره بعد أن كان يسمى ديوس (Deus) وأن أول من سماه بهذا الأسم ققرفس (Gecrops) الملك بأثينية؟. (١) .

(٢) إن نقطانيبوس (Nectanebus) ملك مصر لما هرب من أردشير الأسود واختفى في مدينة ما قيدنيا (Macedonia) يتنجم ويتكهن، احتال على اولمفيذا (Olympias) أمرأة بيلبس (Philippus) ملكها وهو غائب حتى كان يغشاها خداعا ويري نفسه على صورة أمون الإله في شبح حية ذات قرنين كقرني الكبش إلى أن حبلت بالأسكندر، وكاد بيلبس عند رجوعه أن ينتفي منه وينفيه، فرأى في المنام أنه نسل الإله آمون، فقبله وقال: لا معاندة مع الآلهة (٢) .

(٣) فإن اراطس (Aratus) يقول في ظاهراته ورموزه على البرج السابع: تأمل


(١) أبو الريحان البيوني: تحقيق ما للهند: ٤٦ - ٤٧.
(٢) تحقيق ما للهند: ٤٧.

<<  <   >  >>