تحت رجلي البقار؟ أي العواء - في الصور الشمالية العذراء التي تأتي وبيدها السنبلة المنيرة؟ يعني السماك الأعزل - وهي إما من الجنس الكوكبي الذي يقال إنه أبو الكواكب لبقديمة، وإما متولدة من جنس آخر لا نعرفه، وقد يقال إنها كانت في الزمن الأول مع الناس في حيز النساء غير ظاهرة للرجال، واسمها عندهم العدل (Justice) وكانت تجمع المشيخة والقوام في المجامع والشوارع، وتحثهم بصوت عال على الحق، وتهب الأموال التي لا تحصى، وتعطي الحقوق، والأرض حينئذ تسمى ذهبية، وما كان أحد من أهلها يعرف المراء المهلك في فعل أو قول، ولا كان فيهم فرقة مذمومة، بل كانوا يعيشون عيشا مهملا، وكان البحر مرفوضا غير مركوب بسفن، وإنما كانت البقر تأتي بالمير. فلما أنقرض الجنس الذهبي وجاء الجنس الفضي عاشرتهم غير منبسطة، واختفت في الجبال غير مخالطة للنساء كما كانت من قبل، ثم كانت تأتي عظام المدن وتنذر أهلها وتعيرهم على سوء الأعمال وتلومهم على إفساد الجنس الذي خلفه الآباء الذهبيون وتخبرهم بمجيء جنس شر منهم، وكون حروب ودماء ومصايب عظيمة، فإذا فرغت عنهم إلى الجبال، إلى أن انقرض الفضيون، وصار الناس من جنس نحاسي، فإستخرجوا السيف الفاعل للشر، وذاقوا لحم البقر، وهم أول من فعل ذلك، فأبغضت العدل (Justice) جوارهم، وطارت إلى الفلك: وقال مفسر كتابه: إن هذه العذراء هي بنت زوس وكانت تخبر الناس في المجامع بالشرائع العامية، والناس حينئذ خاضعون للحكام، غير عارفين بالشر والخلاف، لا يخطر ببال أحد منهم شغب ولا حسد، يعيشون من الحرث ولا يسلكون البحر في تجارة أو حرص، وهم على طبيعة في الصفاء كالذهب، فلما انتقلوا من تلك السيرة وصاروا غير حافظين للحق لم تعاشرهم العدل، ولكنها كانت تشاهدهم وتسكن الجبال، فإذا أتت محالفهم بكراهة هددتهم، لأنهم كانوا ينصتون لقولها كآبائهم، ومن أجل ذلك لم تكن تظهر للذين يدعونها كما كانت تفعل أولا، فلما أتى الجنس النحاسي بعد الفضي واشتبكت الحروب ونشأ الشر، عزمت على أن لا تكون معهم البتة وأبغضتهم وصارت إلى الفلك (١) .
(٤) ومن أساطير اليونانيين أن أيفسطس (Hephaestus) عشق أثينا (Athene) وراودها فدافعته حفظا للعذرة، واختفى لها في بلاد أثنية، وأراد القبض عليها فطعنته