للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بحربة حتى تركها، وأرسل النطفة على الأرض فكان منها أرقتونيوس (Erichthonius) وأنه جاء على عجلة مثل رخ الشمس ومعه ممسك الأعنة (the Gharioteer) راكب (١) .

لقد كانت الأسطورة هي الحجاب الكثيف دون فهم الشعر اليوناني وتذوقه، ترى لو أنها وجدت؟ في تاريخ مبكر - تسامحا في التقبل كالذي فعله البيروني، هل كانت تؤدي إلى لقاء من نوع آخر بين الأدبين اليوناني والعربي؟

ويختلف البيروني عمن سبقه اختلافا جوهريا، لعله من أثر اطلاعه على أساطير يونان والهند، وإجراء المقارنات بينهما، وذلك أنه لم يحاول أن يسخر حكمة اليونان وأدبهم، أو يحورهما، في سبيل خدمة التوحيد، إى قليلا كأن يعتقد أن ما يسميهم الحنفاء آلهة إنما هم الملائكة؟ نقلا عن أفلاطون في طماوس (٢) - إذ كان يعرف أن زوس مثلا يجمع عندهم بين البشرية وما لا يتصل بالبشرية، ويقرأ في افتتاح كتاب اراطس في الظاهرات قوله في تمجيد زوس: وأنه الذي نحن معشر الناس لا ندعه ولا نستغني عنه، ملأ الطرق ومجامع الناس، وهو رؤوف بهم مظهر للمحبوبات، ناهض بهم إلى العمل، مذكر بالمعاش، مخبر بالأوقات المختارة للحفر والحرث (٣) ؟. " ويردد مع جالينوس قوله: " نحب أن نعرف أي زوس عنى اراطس: الرمزي أم الطبيعي لأن اقراطس الشاعر سمى الفلك زوس (٤) ؟ "، أما من عداه، فأنهم لخضوعهم لفكرة التوفيق بين الدين والفلسفة سارعوا إلى اكتساب المفهومات اليونانية معاني إسلامية توحيدية، ذلك شيء يكاد يكون عاما في الفلسفة، غير أنه امتد أيضا إلى الأدب نفسه، ولعل القول الذي اقتبسه أبو سليمان المنطقي من أوميرس يوضح ذلك، فقد قال أوميرس: " لا خير في كثرة الرؤساء (٥) "، وهو قول يعود إلى الالياذة (٢٠٤٠٢) وإن كان ناقصا. (٦)


(١) تحقيق ما للهند: ٢٠٢ - ٢٠٣.
(٢) تحقيق ما للهند: ١٧،٤٦.
(٣) المصدر السابق: ٤٧.
(٤) المصدر السابق: ٤٨.
(٥) منخب صوان الحكمة، الورقة: ٧١، صوان الحكمة: ١٩٣ (طهران) .
(٦) J. Kraemer: Arabische Homerverse، in ZDMG ١٠٩ (١٩٥٦) p.٢٨٠
(يشار إليه فيما يلي باسم كريمر) .

<<  <   >  >>