للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

حتى لقد كان بعضهم يريد أن يلقى صاحبه لضرورات تقع عنده، فيلقاه في الجنازة، فلا يزيد على السلام الشرعي شيئاً (١) ؛ لشغل كل منهما بما تقدم ذكره، وبعضهم لا يقدر أن يأخذ الغِذَاء تلك الليلة لشدة ما أصابه من الجزع (٢) ، كما قال الحسن البصري -رضي الله عنه-: «ميت غد يشيِّع ميتَ اليوم» (٣) ،


(١) أخرج ابن المبارك في «الزهد» (رقم ٢٤٥) بسنده إلى بديل، قال: كان مطرّف يلقى الرجل من خاصة إخوانه في الجنازة، فعسى أن يكون غائباً، فما يزيد على التسليم، ثم يعرض اشتغالاً بما هو فيه.
وذكره أبو شامة في «الباعث» (٢٧٧) ، والسيوطي في «الأمر بالاتباع» (٢٥٥) .
(٢) أخرج ابن أبي الدنيا في «القبور» (رقم ٣٨ - بتحقيقي) -ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٥٦/١٧٠) - بسند لا بأس به، عن محمد بن واسع، أنه حضر جنازة، فلما رجع إلى أهله، أُتي بغدائه، فبكى، وقال: هذا يوم منغَّص علينا نهاره، وأبى أن يَطْعَم. وانظر أثر يحيى بن أبي كثير في الهامش قبل السابق.
(٣) ظفرتُ بنحوه عن أبي الدرداء.
أخرج ابن أبي الدنيا في «القبور» (رقم ٢٨ - بتحقيقي) -ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٤٧/١٩٣ - ط. دار الفكر) - من طريق يحيى بن جابر، قال: خرج أبو الدرداء إلى جنازة، وأتى أهل الميت يبكون عليه، فقال: مساكين، موتى غدٍ يبكون على ميت اليوم.
وإسناده ضعيف، يحيى بن جابر لم يدرك أبا الدرداء.
وأما أثر الحسن، فقد ورد بمعناه.

أخرج ابن أبي الدنيا في «القبور» -أيضاً- (رقم ٣٥) عن مالك بن دينار، قال: كنا مع الحسن في جنازة، فسمع رجلاً يقول لآخر: من هذا الميت؟ فقال الحسن: هذا أنا وأنت رحمك الله، أنتم محبوسون على آخرنا، حتى يلحق آخرنا بأوّلنا. وهو في «الموت» لابن أبي الدنيا -أيضاً- (رقم ٥٥٨ - بتجميعي) ، وانظر نحوه عنه في «القبور» (رقم ١٩٨ - الملحق) ، وهو عند ابن رجب في «أهوال القبور» (رقم ٥٤٤) .

<<  <   >  >>