للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الحنفي، إذ التلقين لا يكون ما يفعله الناس عقب الدفن، بل هو كلام من حيٍّ لحي؛ ليقوله الحيُّ المخاطب، ومن الباطل قياس قراءة القرآن للموتى على الصِّيام والحج عن الميت، إذ هذان من الحقوق الثابتة في ذمة الميت، وليست القراءة منها، وإهداء ثواب القراءة لروح الموتى باطل (١) ؛ لأنَّ ثواب العبادة غير متيقَّن لصاحبها، بل هو مرجوٌّ عنده، والإهداء لا يصح إلا بالملْك المتيقَّن، والحقُّ من وراء القصد.

في ١٣ المحرم الحرام سنة ١٣٤٤

وكتبه الفقير ... راغب القَبَّاني الحسيني البيروتي

خريج الأزهر الشريف (٢)

٤

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي يقول الحق وهو يهدي السّبيل، والصَّلاةُ والسَّلامُ على المبعوث بأقوم قيل، مِن أكرم قبيل، وعلى آله وصحبه ما قامت دعوى بحجّةٍ قاطعةٍ لكل تضليل، وقادت فتوى ساطعة للعمل بواضح الدّليل، وبعد:


(١) بينت ذلك -بتطويل وتأصيل- في تعليقي على «التذكرة» للقرطبي، ولله الحمد، يسر الله إتمام تحقيقها بخير وعافية. ... =
(٢) = ... ومِن بديع كلام العلاّمة السَّلفِي ابن كثير في «تفسيره» (٤/٢٧٦) لقوله -تعالى-: {وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى} [النجم: ٣٩] قوله:
«ومِن هذه الآية الكريمة، استنبط الشافعيُّ -رحمه الله- ومَن اتّبعه: أنَّ القراءةَ لا يصل إهداءُ ثوابِها إلى الموتى؛ لأنه ليس مِن عملهم، ولا كسبِهم، ولِهذا لَمْ يندب إليه رسولُ الله s أُمَّتَه، ولا حثّهم عليه، ولا أرشدهم إليه بنصٍّ، ولا إيماء، ولَم ينقل ذلك عن أحدٍ مِنَ الصحابة -رضي الله عنهم-، ولو كان خيراً لسبقونا إليه، وباب القُربات يقتصر فيه على النصوص، ولا يتصرف فيه بأنواع الأقيسة والآراء، فأمّا الدُّعاء والصَّدقة؛ فذاك مجمع على وصولهما، ومنصوص مِنَ الشارع عليهما» .

<<  <   >  >>