الحمد لله الذي علَّم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، والصَّلاة والسلام على سيدنا محمد، الهادي إلى أقوم سُنَّة، والدَّاعي إلى سبيل ربِّه بالحكمة والموعظة الحسنة، وعلى آله الذادة عن الحقيقة، والقادة إلى الحب طريقة، ما لمع بارق، وذرّ شارق، وبعد:
فقد اطَّلعتُ على هذه الرسالة المفيدة، وأعجبت بما أتى به الأستاذ الكامل ورفيقاه الفضلاء، من النُّصوص البيِّنة، والأدلّة الجمَّة، لتأييد ما ذهبوا إليه من إنكار رفع الصوت، ومطّه، خلف الجنائز على الوجه المألوف، والنَّمط المعروف، مما برح به الخفاء، وحصحص الحق.
ومَنْ وقف على هذه النُّصوص، وكان على شيء من النصفة، وعلم ما يجب أن يكون عليه الذَّاكر من الأدب والخضوع، ورأى ما جرت به العادة، في الأزمنة المتأخِّرة مِن رَفْع الأصوات ومطِّها، بصورة منكرة لا يرضى أن يذكر بمثلها الرّعاع والغوغاء، لا شك في أنَّ هذه المسألة بدعة منكرة، لم تكن في عهد النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا في عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم، من رجالات الدِّين، الذين يعتدُّ بأقوالهم فيه، ويحتجُّ بأفعالهم، ولولا انقطاع الوحي لنزل في تحريمها قرآن محكم، أو جاءت سُنَّة بيِّنة.