للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

• سعيد بن منصور [٢٤٧٦] حدثنا شهاب بن خراش بن حوشب عن الحجاج بن دينار عن منصور بن المعتمر قال حدثني شقيق بن سلمة الأسدي عن الرسول الذي جرى بين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وسلمة بن قيس الأشجعي قال: ندب عمر بن الخطاب الناس مع سلمة بن قيس الأشجعي بالحرة إلى بعض أهل فارس، وقال: انطلقوا بسم الله، وفي سبيل الله، تقاتلون من كفر بالله، لا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا امرأة، ولا صبيا، ولا شيخا هرما، وإذا انتهيت إلى القوم فادعهم إلى الإسلام والجهاد، فإن قبلوا فهم منكم، فلهم ما لكم، وعليهم ما عليكم، وإن أبوا فادعهم إلى الإسلام بلا جهاد، فإن قبلوا فاقبل منهم، وأعلمهم أنه لا نصيب لهم في الفيء، فإن أبوا فادعهم إلى الجزية، فإن قبلوا فضع عنهم بقدر طاقتهم، وضع فيهم جيشا يقاتل من وراءهم، وخلهم وما وضعت عليهم، فإن أبوا فقاتلهم، فإن دعوكم إلى أن تعطوهم ذمة الله وذمة محمد صلى الله عليه وسلم فلا تعطوهم ذمة الله ولا ذمة محمد، ولكن أعطوهم ذمم أنفسكم، ثم قولوا لهم، فإن أبوا عليكم فقاتلهم، فإن الله ناصركم عليهم.

فلما قدمنا البلاد دعوناهم إلى كل ما أمرنا به، فأبوا، فلما مسهم الحصر نادونا: أعطونا ذمة الله وذمة محمد، فقلنا: لا، ولكنا نعطيكم ذمم أنفسنا، ثم نفي لكم، فأبوا، فقاتلناهم، فأصيب رجل من المسلمين، ثم إن الله فتح علينا، فملأ المسلمون أيديهم من متاع ورقيق ورقة ما شاءوا، ثم إن سلمة بن قيس أمير القوم دخل، فجعل يتخطى بيوت نارهم، فإذا بسفطين معلقين بأعلى البيت، فقال: ما هذان السفطان؟ فقالوا: أشياء كانت تعظم بها الملوك بيوت نارهم، فقال: أهبطوهما إلي، فإذا عليهما طوابع الملوك بعد الملوك قال: ما أحسبهم طبعوا إلا على أمر نفيس، علي بالمسلمين، فلما جاءوا أخبرهم خبر السفطين، فقال: أردت أن أفضهما بمحضر منكم، ففضهما، فإذا هما مملوءان بما لم ير مثله أو قال: لم أر مثله، فأقبل بوجهه على المسلمين، فقال: يا معشر المسلمين، قد علمتم ما أبلاكم الله في وجهكم هذا، فهل لكم أن تطيبوا بهذين السفطين أنفسا لأمير المؤمنين لحوائجه وأموره وما ينتابه، فأجابوه بصوت رجل واحد: إنا نشهد الله أنا قد فعلنا، وطابت أنفسنا لأمير المؤمنين، فدعاني فقال: قد عهدت أمير المؤمنين يوم الحرة، وما أوصانا، وما اتبعنا من وصيته وأمر السفطين، وطيب أنفس المسلمين له بهما، فأت بهما إلى أمير المؤمنين واصدقه الخبر، ثم ارجع إلي بما يقول لك، فقلت: ما لي بد من صاحب، فقال: خذ بيد من أحببت.

فأخذت بيد رجل من القوم، فانطلقنا بالسفطين نهزهما حتى قدمنا بهما المدينة، فأجلست صاحبي مع السفطين، وانطلقت أطلب أمير المؤمنين عمر، فإذا به يغدي الناس وهو يتوكأ على عكاز وهو يقول: يا يرفأ، ضع هاهنا، يا يرفأ، ضع هاهنا، فجلست في عرض القوم لا آكل شيئا فمر بي، فقال: ألا تصيب من الطعام؟ فقلت: لا حاجة لي به، فرأى الناس وهو قائم عليهم يدور فيهم، فقال: يا يرفأ، خذ خونك وقصاعك، ثم أدبر واتبعته، فجعل يتخلل طريق المدينة حتى انتهى إلى دار قوراء عظيمة، فدخلها، فدخلت في إثره، ثم انتهى إلى حجرة من الدار فدخلها، فقمت مليا حتى ظننت أن أمير المؤمنين قد تمكن في مجلسه، فقلت: السلام عليك، فقال: وعليك, فادخل، فدخلت، فإذا هو جالس على وسادة مرتفقا أخرى، فلما رآني نبذ إلي التي كان مرتفقا، فجلست عليها، فإذا هي تغرزني، فإذا حشوها ليف, قال: يا جارية، أطعمينا، فجاءت بقصعة فيها قدر من خبز يابس، فصب عليها زيتا، ما فيه ملح ولا خل، فقال: أما إنها لو كانت راضية أطعمتنا أطيب من هذا، فقال لي: ادن، فدنوت، قال: فذهبت أتناول منها قدرة، فلا والله إن استطعت أن أجيزها، فجعلت ألوكها مرة من ذا الجانب، ومرة من ذا الجانب، فلم أقدر على أن أسيغها، وأكل أحسن الناس إكلة، إن يتعلق له طعام بثوب أو شعر، حتى رأيته يلطع جوانب القصعة، ثم قال: يا جارية، اسقينا، فجاءت بسويق سلت، فقال: أعطيه، فناولتنيه، فجعلت إذا أنا حركته ثارت له قشار، وإن أنا تركته تند، فلما رآني قد بشعت ضحك، فقال: ما لك أرنيه إن شئت، فناولته، فشرب حتى وضع على جبهته هكذا ثم قال: الحمد لله الذي أطعمنا فأشبعنا، وسقانا فأروانا، وجعلنا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فقلت: قد أكل أمير المؤمنين فشبع، وشرب فروي، حاجتي جعلني الله فداك - قال شقيق: وكان في حديث الرسول إياي ثلاثة أيمان، هذا في موضع منها ما قال: لله أبوك فمن أنت؟ قلت: رسول سلمة بن قيس قال: فتالله، لكأنما

خرجت من بطنه تحننا علي، وحبا لخبري عمن جئت من عنده، وجعل يقول وهو يزحف إلي: إيها لله أبوك، كيف تركت سلمة بن قيس؟ كيف المسلمون؟ ما صنعتم؟ كيف حالكم؟ قلت: ما تحب يا أمير المؤمنين، فاقتصصت عليه الخبر إلى أنهم ناصبونا القتال، فأصيب رجل من المسلمين، فاسترجع وبلغ منه ما شاء الله، وترحم على الرجل طويلا، قلت: ثم إن الله فتح علينا يا أمير المؤمنين فتحا عظيما فملأ المسلمون أيديهم من متاع ورقيق ورقة ما شاءوا قال، ويحك كيف اللحم بها؟ فإنها شجرة العرب، ولا تصلح العرب إلا بشجرتها، قلت: الشاة بدرهمين، ثم قال: الله أكبر، ثم قال: ويحك هل أصيب من المسلمين رجل آخر؟ قال: جئت إلى ذكر السفطين، فأخبرته خبرهما، فحلف الرسول عندها يمينا أخرى، الله الذي لا إله إلا هو لكأنما أرسلت عليه الأفاعي والأساود والأراقم أن وثب كمكان تيك، ثم أقبل علي بوجهه آخذا بحقوته فقال: لله أبوك وعلام يكونان لعمر؟ والله ليستقبلن المسلمون الظمأ والجوع والخوف في نحور العدو، وعمر يغدو من أهله ويروح إليهم يتبع أفياء المدينة، ارجع بما جئت به فلا حاجة لي فيه، فقلت: يا أمير المؤمنين، إنه أبدع بي وبصاحبي فاحملنا قال: لا، ولا كرامة للآخر ما جئت بما أسر بعه فأحملك، قلت: يا لعباد الله أيترك رجل بين أرضين؟ قال: أما لولا قلتها يا يرفأ انطلق به فاحمله وصاحبه على ناقتين ظهريين من إبل الصدقة، ثم انخس بهما حتى تخرجهما من الحرة، ثم التفت إلي فقال: أما لئن شتا المسلمون في مشاتيهم قبل أن يقسما بينهم لأعذرن منك ومن صويحبك، ثم قال: إذا انتهيت إلى البلاد فانظر أحوج من ترى من المسلمين فادفع إليه الناقتين، فأتيناه فأخبرناه الخبر، فقال: ادع لي المسلمين، فلما جاءوا قال: إن أمير المؤمنين قد وفركم بسفطيكم، ورآكم أحق بهما منه، فاقتسموا على بركة الله، فقالوا: أصلحك الله أيها الأمير إنه ينبغي لهما بصر وتقويم وقسمة فقال: والله لا تبرحون وأنتم تطلبونني

منها بحجر، فعد القوم وعد الحجارة فربما طرحوا إلى الرجل الحجرين، وفلقوا الحجر بين اثنين. (١) اهـ صحح إسناده ابن حجر في التهذيب. لكن الرسول مبهم. إلا أن مثله لا يكون إلا ثقة. والله أعلم.

وقال سعيد بن منصور [٢٤٧٨] حدثنا سويد بن عبد العزيز قال نا حصين عن أبي وائل قال: كان السائب بن الأقرع عاملا لعمر بن الخطاب على بعض خوخا فأتي بذهب وجد مدفونا فقال: ما أرى فيه حقا إلا لأمير المؤمنين، ما هو فيء ولا جزية، ولا صدقة، ثم دعا الناس فاستشارهم فبعث به إلى عمر، فجاء به رسوله، فقال عمر للرسول: ما هذا الذي أتيتني به؟ ما أتيتني بما يعجبني، قلت: يا أمير المؤمنين بعيري اعتل علي فاحملني، فقال: لولا أنك رسول ما حملتك، فكتب إلى أهل المياه: أن أحمل من ماء إلى ماء، وكتب إلى السائب بن الأقرع: أن أقبل, قال: فأقبلت، حتى دخلت على عمر بن الخطاب، فإذا بين يديه جفنة فيها خبز غليظ، وكسور من بعير أعجف، فقال لي: كل، فأكلت قليلا، ثم لم أستطع أن آكل، فقال: كل فليس بدرمك العراق الذي تأكل أنت وأصحابك، ثم قال: انظر من بالباب؟ فقالوا: رعاة الغنم، قال: السودان؟ قالوا: نعم قال: ادعوهم، فجعلوا يأكلون معه حتى إني لأنظر إليهم يلطعون الجفنة بأصابعهم، ثم قال: فدخل، فلم يذكر لي شيئا، فأتيت منزلي، فلما خرج إلى الناس دخلت عليه، فقال: ما هذا الذي أرسلت به إلي؟ فقلت: وجدناه مالا مدفونا، قلت: ليس بفيء، ولا جزية، ولا بصدقة، فقلت: ليس لأحد فيه حق غير أمير المؤمنين، فقال: لا أبا لك، وما جعلني أحق به، وأنا بالمدينة وهم في نحور العدو، قلت: يا أمير المؤمنين طيبت ذلك، فقال: أتعرف خاتم رسولك، ففتحته، فإذا فيه شيء عجيب، فقال: فإني أعزم عليك إلا ذهبت به إلى الكوفة فقسمته. فقال أبو وائل: فرأيت السائب يخرج قطع الذهب حتى يعطي الرجل. اهـ الأول أقوى.


(١) - رواه أبو سليمان الخطابي في غريب الحديث [٢/ ٩٨] من طريق سعيد بن منصور، ثم قال: قوله نهز بهما أي نسرع ونحمل على الإبل في السير وأصل الوهز شدة الوطء ورواه بعضهم نهز بهما أي نحرك بهما من الهز. والقشار القشر. وقوله نثد لا أدري ما هو وأراه رثد أي اجتمع في قعر القدح وصار بعضه فوق بعض. يقال: رثدت الشيء إذا نضدته والاسم منه الرثد مثل النضد ... ويجوز أن يكون نثد من النثط والدال تبدل طاء لقرب مخرجهما وقال أعرابي لرجل: ما أبعط طارك يريد ما أبعد دارك. وقال ابن الأعرابي والنثط التثقيل ويروي عن كعب أنه قال: نثطت الأرض بالآكام أي ثقلت بها. وقوله ناقتين ظهيرتين أي قويتين يقال: بعير ظهير أي قوي الظهر وناقة ظهيرة والفعل منه ظهر ظهارة والأساود الحيات جمع أسود سالخ. اهـ مختصرا.