للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

• ابن سعد [٣١٣١] أخبرنا أبو أسامة حماد بن أسامة قال: أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير قال: لما وقف الزبير يوم الجمل دعاني، فقمت إلى جنبه، فقال: يا بني، إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوما، وإن من أكبر همي لديني، أفترى ديننا يبقي من مالنا شيئا؟ ثم قال: يا بني، بع مالنا، واقض ديني، وأوص بالثلث، فإن فضل من مالنا من بعد قضاء الدين شيء فثلثه لولدك. قال هشام: وكان بعض ولد عبد الله بن الزبير قد وازى بعض بني الزبير خبيب وعباد. قال: وله يومئذ تسع بنات. قال عبد الله بن الزبير: فجعل يوصيني بدينه، ويقول: يا بني، إن عجزت عن شيء منه فاستعن عليه مولاي. قال: فوالله ما دريت ما أراد حتى قلت: يا أبة من مولاك؟ قال: الله، قال: فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض عنه دينه فيقضيه، قال: وقتل الزبير ولم يدع دينارا ولا درهما إلا أرضين فيها الغابة، وإحدى عشرة دارا بالمدينة، ودارين بالبصرة، ودارا بالكوفة، ودارا بمصر. قال: وإنما كان دينه الذي كان عليه أن الرجل كان يأتيه بالمال ليستودعه إياه فيقول الزبير: لا، ولكن هو سلف، إني أخشى عليه الضيعة، وما ولي إمارة قط، ولا جباية، ولا خراجا ولا شيئا، إلا أن يكون في غزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر وعثمان. قال عبد الله بن الزبير: فحسبت ما عليه من الدين فوجدته ألفي ألف ومئتي ألف، فلقي حكيم بن حزام عبد الله بن الزبير فقال: يا ابن أخي، كم على أخي من الدين؟ قال: فكتمه، وقال: مئة ألف، فقال حكيم: والله ما أرى أموالكم تتسع لهذه، فقال له عبد الله: أفرأيتك إن كانت ألفي ألف ومئتي ألف قال: ما أراكم تطيقون هذا، فإن عجزتم عن شيء منه فاستعينوا بي.

وكان الزبير اشترى الغابة بسبعين ومئة ألف فباعها عبد الله بن الزبير بألف ألف وستمئة ألف، ثم قام فقال: من كان له على الزبير شيء فليوافنا بالغابة؟ قال: فأتاه عبد الله بن جعفر، وكان له على الزبير أربعمئة ألف، فقال لعبد الله بن الزبير: إن شئتم تركتها لكم وإن شئتم فأخروها فيما تؤخرون إن أخرتم شيئا، فقال عبد الله بن الزبير: لا، قال: فاقطعوا لي قطعة، فقال له عبد الله: لك من هاهنا إلى هاهنا قال: فباعه منها بقضاء دينه فأوفاه، وبقي منها أربعة أسهم ونصف. قال: فقدم على معاوية وعنده عمرو بن عثمان، والمنذر بن الزبير، وابن زمعة. قال: فقال له معاوية: كم قومت الغابة؟ قال: كل سهم مئة ألف، قال: كم بقي؟ قال: أربعة أسهم ونصف، قال: فقال المنذر بن الزبير: قد أخذت سهما بمئة ألف، وقال عمرو بن عثمان: قد أخذت سهما بمئة ألف، وقال ابن زمعة: قد أخذت سهما بمئة ألف، فقال معاوية: فكم بقي؟ قال: سهم ونصف قال: أخذته بخمسين ومئة ألف. قال: وباع عبد الله بن جعفر نصيبه من معاوية بستمئة ألف، فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دينه قال بنو الزبير: اقسم بيننا ميراثنا، قال: لا والله، لا أقسم بينكم حتى أنادي في الموسم أربع سنين: ألا من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه، قال: فجعل كل سنة ينادي بالموسم، فلما مضت أربع سنين قسم بينهم. قال: وكان للزبير أربع نسوة قال: وربع الثمن فأصاب كل امرأة ألف ألف ومئة ألف قال: فجميع ماله خمسة وثلاثون ألف ألف ومائتا ألف. اهـ رواه البخاري في باب بركة الغازي في ماله حيا وميتا.