• وكيع في أخبار القضاة [١/ ٧٠] حدثني علي بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال حدثنا إبراهيم بن بشار قال حدثنا سفيان قال حدثنا إدريس أبو عبد الله بن إدريس قال: أتيت سعيد بن أبي بردة فسألته عن رسائل عمر بن الخطاب التي كان يكتب بها إلى أبي موسى الأشعري، وكان أبو موسى قد أوصى إلى أبي بردة، وأخرج إلي كتابا؛ فرأيت في كتاب منها: أما بعد؛ فإن القضاء فريضة محكمة، وسنة متبعة، فافهم إذا أدلي إليك؛ فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له، واس بين الاثنين في مجلسك، ووجهك حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا يأيس وضيع وربما قال: ضعيف من عدلك؛ الفهم الفهم فيما يتلجلج في صدرك وربما قال: في نفسك ويشكل عليك؛ ما لم ينزل في الكتاب، ولم تجر به سنة؛ واعرف الأشباه والأمثال، ثم قس الأمور بعضها ببعض، فانظر أقربها إلى الله، وأشبهها بالحق فاتبعه، واعمد إليه، لا يمنعك قضاء قضيته بالأمس، راجعت فيه نفسك، وهديت فيه لرشدك، فإن مراجعة الحق خير من التمادي في الباطل. المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا حدا، أو مجربا عليه شهادة زور، أو ظنينا في ولاء قرابة، واجعل لمن ادعى حقا غائبا أمدا ينتهي إليه، أو بينة عادلة؛ فإنه أثبت للحجة، وأبلغ في العذر، فإن أحضر بينة إلى ذلك الأجل أخذ بحقه، وإلا وجهت عليه القضاء. البينة على من أدعى، واليمين على من أنكر. إن الله تبارك وتعالى تولى منكم السرائر، ودرأ عنكم الشبهات، وإياك والغلق والضجر، والتأذي بالناس، والتنكر للخصم في مجالس القضاء التي يوجب الله فيها الأجر، ويحسن فيها الذخر. من حسنت نيته، وخلصت فيما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه وبين الناس، والصلح جائز فيما بين الناس، إلا ما أحل حراما، أو حرم حلالا؛ ومن تزين للناس بما يعلم الله منه غير ذلك شانه الله، فما ظنك بثواب غير الله في عاجل دنيا، وآجل آخرة والسلام. اهـ رواه الخطيب في الفقيه والمتفقه من هذا الوجه.
وقال الدارقطني [٤٤٧٢] نا محمد بن مخلد نا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي نا سفيان بن عيينة نا إدريس الأودي عن سعيد بن أبي بردة وأخرج الكتاب فقال: هذا كتاب عمر، ثم قرئ على سفيان: من هاهنا إلى أبي موسى الأشعري، أما بعد فإن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة، فافهم إذا أدلي إليك فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له، آس بين الناس في مجلسك ووجهك وعدلك حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا يخاف ضعيف جورك، البينة على من ادعى واليمين على من أنكر، الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا، لا يمنعك قضاء قضيته بالأمس راجعت فيه نفسك وهديت فيه لرشدك أن تراجع الحق فإن الحق قديم وإن الحق لا يبطله شيء ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل، الفهم الفهم فيما يختلج عند ذلك فاعمد إلى أحبها إلى الله وأشبهها بالحق فيما ترى واجعل للمدعي أمدا ينتهي إليه فإن أحضر بينة وإلا وجهت عليه القضاء، فإن ذلك أجلى للعمى وأبلغ في العذر، المسلمون عدول بينهم بعضهم على بعض إلا مجلودا في حد أو مجربا في شهادة زور أو ظنينا في ولاء أو قرابة، فإن الله تولى منكم السرائر ودرأ عنكم بالبينات، ثم إياك والضجر والقلق والتأذي بالناس والتنكر للخصوم في مواطن الحق التي يوجب بها الأجر ويحسن بها الذكر، فإنه من يخلص نيته فيما بينه وبين الله يكفه الله ما بينه وبين الناس، ومن تزين للناس بما يعلم الله منه غير ذلك، شانه الله.
البيهقي في الصغير [٣٢٥٩] حدثنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الفقيه أملاه أبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال أنا يحيى بن الربيع المكي أنا سفيان عن إدريس الأودي قال: أخرج إلينا سعيد بن أبي بردة كتابا، فقال: هذا كتاب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى: أما بعد، فإن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة، فافهم إذ أدلي إليك، فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له، وآس بين الناس في وجهك، ومجلسك، وعدلك حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا يخاف ضعيف من جورك. البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما، أو حرم حلالا، لا يمنعك قضاء قضيته بالأمس راجعت الحق، فإن الحق قديم لا يبطل الحق شيء، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل، الفهم الفهم فيما يختلج في صدرك، فما لم يبلغك في القرآن والسنة، فتعرف الأمثال والأشباه، ثم قس الأمور عند ذلك، واعمد إلى أحبها إلى الله، وأشبهها فيما ترى، واجعل للمدعي أمدا ينتهي إليه، فإن أحضر بينته، وإلا وجهت عليه القضاء، فإن ذلك أجلى للعمى، وأبلغ في العذر. والمسلمون عدول بعضهم على بعض، إلا مجلودا في حد، أو مجربا بشهادة الزور، أو ظنينا في ولاء أو قرابة، فإن الله تولى منكم السرائر ودرأ عنكم الشبهات، ثم إياك والضجر والقلق، والتأذي بالناس، والتنكر بالخصوم في مواضع الحق التي يوجب الله بها الأجر، ويكسب بها الذخر، فإنه من يصلح سريرته فيما بينه، وبين ربه أصلح الله ما بينه وبين الناس ومن تزين للناس بما يعلم الله منه غير ذلك شانه الله فما ظنك بثواب غير الله في عاجل الدنيا، وخزائن رحمته، والسلام. اهـ رواه في الكبرى مفرقا. ورواه ابن أبي عمر العدني عن سفيان قال عن إدريس بن يزيد الأودي عن سعيد بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبيه قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري. فذكره. رواه أبو عمر في الاستذكار.
ورواه أبو عمر في الاستذكار [٧/ ١٠٣] من طريق أحمد بن عمرو البزار قال سمعت أبي يقول حدثني فضيل بن عبد الوهاب قال حدثني أبو معشر عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه أبي بردة بن أبي موسى الأشعري قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري اعلموا أن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة فالفهم الفهم إذا اختصم إليك فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له. آس بين الناس في وجهك حتى لا ييأس ضعيف من عدلك ولا يطمع شريف في جورك. والمسلمون عدول بعضهم على بعض إلا خصما أو ظنينا متهما. ولا يمنعك قضاء قضيته اليوم راجعت فيه نفسك غدا أن تعود إلى الحق فإن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل واعلم أنه من تزين للناس بغير ما يعلم الله شانه الله ولا يضيع عامل الله فما ظنك بثواب الله في عاجل رزقه وجزاء رحمته. اهـ وهو سند كوفي.
ورواه ابن شبة في تاريخ المدينة [٢/ ٧٧٥] حدثنا عبد الله بن يزيد قال: حدثنا عبد الملك بن الوليد بن معدان قال: حدثنا أبي قال: كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري: من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى عبد الله بن قيس، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فإن القضاء فريضة محكمة، وسنة متبعة، فافهم إذا أدلي إليك، وأنفذ إذا تبين لك، فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له، آس بين الناس في مجلسك، وفي وجهك وعدلك، حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييأس ضعيف من عدلك، فالبينة على من ادعى، واليمين على من أنكر، والصلح جائز بين الناس إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا، ولا يمنعك من قضاء قضيت به اليوم فراجعت فيه نفسك، وهديت فيه لرشدك، أن تراجع فيه الحق، فإن الحق قديم، ولا يبطل الحق شيء، وإن مراجعة الحق خير من التمادي في الباطل، الفهم الفهم فيما يتلجلج في نفسك مما ليس في قرآن ولا سنة، ثم اعرف الأشباه والأمثال، وقس الأمور عند ذلك، ثم اعمد إلى أحبها إلى الله وأشبهها بالحق فيما ترى، فاجعل لمن ادعى حقا غائبا أو بينة أمدا ينتهي إليه، فإن أحضر بينة أخذ بحقه، وإن عجز عنها استحللت عليه القضية، فإنه أبلغ في العذر، وأجلى للعمى، المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا في حد، أو مجربا عليه شهادة زور، أو ظنينا في ولاء أو قرابة، فإن الله تبارك وتعالى تولى منكم السرائر ودرأ عنكم بالبينات والأيمان، وإياك والغلق والغلظ والضجر والتأذي بالناس عند الخصوم والتنكر للخصوم في مواطن الحق، التي يوجب الله فيه الأجر، ويحسن فيه الذخر، فمن خلصت نيته ولو على نفسه، كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن تزين للناس بما يعلم الله أنه ليس في قلبه، شانه الله، فإن الله لا يقبل من عبده إلا ما كان له خالصا، فما ظنك بثواب الله عز وجل وعاجل رزقه، وخزائن رحمته، والسلام عليك ورحمة الله. اهـ وهذا مرسل بصري، وابن الوليد يضعفونه.
ورواه الدارقطني [٤٤٧١] من طريق عبيد الله بن أبي حميد عن أبي المليح الهذلي قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري، فذكره. وابن أبي حميد متروك وهو بصري.
ورواه البيهقي [٢٠٥٣٧] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق الصغاني ثنا ابن كناسة ثنا جعفر بن برقان عن معمر البصري عن أبي العوام البصري قال: كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما: إن القضاء فريضة محكمة، وسنة متبعة، فافهم إذا أدلي إليك، فإنه لا ينفع تكلم حق لا نفاذ له، وآس بين الناس في وجهك ومجلسك وقضائك، حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييأس ضعيف من عدلك، البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر، والصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحا أحل حراما، أو حرم حلالا، ومن ادعى حقا غائبا، أو بينة فاضرب له أمدا ينتهي إليه، فإن جاء ببينة أعطيته بحقه، فإن أعجزه ذلك استحللت عليه القضية، فإن ذلك أبلغ في العذر، وأجلى للعمى، ولا يمنعك من قضاء قضيته اليوم فراجعت فيه لرأيك، وهديت فيه لرشدك، أن تراجع الحق، لأن الحق قديم، لا يبطل الحقَّ شيءٌ، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل، والمسلمون عدول بعضهم على بعض في الشهادة، إلا مجلود في حد، أو مجرب عليه شهادة الزور، أو ظنين في ولاء أو قرابة، فإن الله عز وجل تولى من العباد السرائر، وستر عليهم الحدود إلا بالبينات والأيمان.
ثم الفهم الفهم فيما أدلي إليك، مما ليس في قرآن ولا سنة، ثم قايس الأمور عند ذلك، واعرف الأمثال والأشباه، ثم اعمد إلى أحبها إلى الله فيما ترى، وأشبهها بالحق، وإياك والغضب، والقلق والضجر، والتأذي بالناس عند الخصومة، والتنكر، فإن القضاء في مواطن الحق يوجب الله له الأجر، ويحسن به الذخر، فمن خلصت نيته في الحق، ولو كان على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن تزين لهم بما ليس في قلبه شانه الله، فإن الله تبارك وتعالى لا يقبل من العبادة إلا ما كان له خالصا، وما ظنك بثواب غير الله في عاجل رزقه، وخزائن رحمته؟ (١) اهـ ورواه وكيع عن سفيان عن رجل عن الشعبي مرسلا. أخرجه البلاذري في أنساب الأشراف.
وبالجملة هو كتاب صحيح عن أمير المؤمنين. قال ابن القيم في إعلام الموقعين: وهذا كتاب جليل، تلّقاه العلماءُ بالقبول، وبَنَوْا عليه أصول الحكم والشهادة، والحاكم والمفتي أحوج شيء إليه، وإلى تأمله والتفقه فيه.
(١) - قال الشيخ مشهور في تعليقه على إعلام الموقعين [٢/ ١٦٠] وهذا إسناد جيد، وأبو العوام هذا هو عبد العزيز بن الربيع من الثقات، لكنه لم يدرك عمر. اهـ