للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ثم) بعد أن عرفت الأقوال في تعريفه (الحجة به) بالضم في الأصل هو الدليل والبرهان، واستعمله هنا بمعنى المصدر أي الاحتجاج بالمرسل، وهو مبتدأ خبره جملة قوله (رأى) أي ذهب إليه، يقال: الذي أراه بمعنى أذهب إليه أفاده في المصباح (الأئمة الثلاثة) الإمام أبو حنيفة، والإمام مالك في المشهور عنه، وجمهور أتباعهما، والإمام أحمد في رواية عنه، وحكاه النووي في شرح المهذب عن كثير من الفقهاء أو أكثرهم، قال: ونقله الغزالي عن الجماهير، وقال أبو داود في رسألته: وأما المراسيل فقد كان أكثر العلماء يحتجون بها فيما مضى، مثل سفيان الثَّوري، ومالك، والأوزاعي، حتى جاء الشافعي رحمه الله فتكلم في ذلك وتابعه عليه أحمد وغيره انتهى.

قال السخاوي فكأرْ من لم يذكر أحمد في هذا الفريق رأى ما في الرسالة أقوى مع ملاحظة صنيعه في العلل وكونه يعمل بالضَّعِيف الذي يندرج فيه المرسل فذاك إذا لم يجد في الباب غيره اهـ. ثم إن قبوله مشروط كما قال ابن عبد البر وغيره بما إذا لم يكن المرسل ممن لا يحترز ويرسل عن غير الثقات، وإلا فلا خلاف في رده قاله النووي في شرح المهذب، وقال غيره: محل قبوله عند الحنفية إذا كان مرسله من أهل القرون الثلاثة المفضلة، فإن كان من غيرها فلا، لحديث " ثم يفشوا الكذب ".

ثم إن المحتجين به اختلفوا أهو أعلى من المسند، أو دونه، أو مثله، وتظهر فائدة الخلاف عند التعارض، والذي ذهب إليه أحمد وأكثر المالكية والمحققون من الحنفية كالطحاوي وأبي بكر الرازي تقديم المسند، قال ابن عبد البر: وشبهوا ذلك بالشهود يكون بعضهم أفضل حالًا من بعض وأقعد وأتم معرفة وإن كان الكل عدولاً جائِزِي الشهادة انتهى.

وذهب آخرون إلى أنه أعلى وأرجح من المسند ووجهوا ذلك بأن من أسند فقد أحالك على إسناده والنظرِ في أحوال رواته والبحثِ عنهم ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>