أي هذا مبحثهما وهما النوع الخامس عشر والسادس عشر من أنواع علوم الحديث. وهذان النوعان مهمان عظيما الفائدة عميقا المسلك لم يتكلم فيهما قديماً وحديثاً إلا نُقَّاد الحديث وجَهَابذته وهما متجاذبان إذ يعترض بكل منهما على الآخر فربما كان الحكم للزائد وربما كان بالعكس فلذلك قرن بينهما.
فأما أولهما فليس المراد به قول التابعي، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما هو المشهور في المرسل الظاهر ولا الانقطاع بين راويين لم يدرك أحدهما الآخر كرواية القاسم عن ابن مسعود، وإبراهيم بن أبي عبلة عن كل من عبادة بن الصامت وابن عمر، ومالكٍ عن سعيد بن المسيب بل المعتمد في تعريفه على ما حققه الحافظ هو الانقطاع في أي موضع كان من السَّند بين راويين متعاصرين لم يلتقيا وكذا لو التقيا ولم يقع بينهما سماع فهو انقطاع مخصوص يندرج في تعريف من لم يتقيد في المرسل بسقط خاص وإلى ذلك الإشارة بقول البلقيني إن تسميته بالإرسَال هو على طريقة سبقت في نوع المرسل وبهذا التعريف يباين التدليس إذ هو على المعتمد كما تقدم رواية الراوي عمن سمع منه ما لم يسمعه منه، فأما على تعريف من عرف ما هنا برواية الراوي عمن سمع منه ما لم يسمعه منه أو عمن لقيه ولم يسمع منه أوعمن عاصره ولم يلقه فيكون بينهما عموم وخصوص مطلق والمعتمد ما حققناه أولاً أفاده السخاوي.