وحاصل المعنى أن ما في الصَّحِيح من التعاليق بصيغة الجزم كالأمثلة المتقدمة فهو محكوم بصحته عن المضاف إليه لأنه لا يستجيز أن يجزم بذلك عنه إلا وقد صح عنده عنه.
وإنما قيد بقوله عن المضاف إليه لأنه لا يحكم بصحة الحديث مطلقاً بل يتوقف على النظر فيمن أبرز من رجاله، وذلك أقسام:
أحدها: ما يلتحق بشرطه، والسبب في عدم إيصاله إما الاستغناء بغيره عنه مع إِفادة الإشارة إليه، وعدم إهماله بإيراده، معلقاً اختصاراً، وإما كونه لم يسمعه من شيخه، أو سمعه مذاكرة، أو شك في سماعه فما رأى أن يسوقه مساق الأصول.
ومن أمثلته قوله في الوكالة: قال عثمان بن الهيثم، حدثنا عون، حدثنا محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال:" وكلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بزكاة رمضان " الحديث. وأورده في فضائل القرآن، وذِكْرِ إبليس، ولم يقل في موضع منها: حدثنا عثمان فالظاهر عدم سماعه له منه. الثاني: ما لا يلتحق بشرطه ولكن صحيح على شرط غيره، كقوله في الطهارة: وقالت عائشة " وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله على كل أحيانه " أخرجه مسلم في صحيحه.
الثالث: ما هو حسن صالح للحُجِّيَّةِ، كقوله فيه: وقال بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، " الله أحق أن يستحى منه " وهو حديث حسن مشهور أخرجه أصحاب السنن.
الرابع: ما هو ضعيف لا من جهة قَدْح في رجاله، بل من جهة انقطاع يسير في إِسناده كقوله في الزكاة، قال طاوس: قال معاذ بن جبل لأهل اليمن: " ائتوني بعرض ثياب " الحديث فإسناده إلى طاوس صحيح إلا أن طاوساً لم يسمع من معاذ اهـ تدريب باختصار.
(وغيره) مفعول مقدم لِضَعِّفْ، أي غير ما أتى به بصيغة الجزم بأن أتى به بصيغة التمريض، كيُرْوَى، ويُذكَرُ، ويحكى، وذُكِر وحُكِيَ عن