وحاصل ما أشار إليه: أن الإرسال الخفي يعرف بأحد أمور ثلاثة، الأول عدم سماع الراوي من المروي عنه مطلقاً ولو تلاقيا كحديث أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه وهي في السنن الأربعة فقد روى الترمذي أن عمرو بن مرة قال لأبي عبيدة: هل تذكر من عبد الله شيئاً؟ قال: لا.
أو لذلك الحديث فقط وإن سمع غيره، الثاني عدم اللقاء بينهما وقد تعاصرا بأن أخبر عن نفسه بذلك أو جزم إمام به كحديث ابن ماجه من رواية عمر بن عبد العزيز عن عقبة بن عامر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" رحم الله حارس الحرس " فإن عمر لم يلق عقبة كما قال المزي في الأطراف، قلت: هكذا نسب العراقي والسخاوي والناظم في التدريب هذا القول إلى المزي في الأطراف كأنه هو الذي حكم بأن عمر لم يلق عقبة وليس كذلك بل الذي حكم به هو الدارمي في مسنده فإنه بعد سوق هذا الحديث قال ما نصه: قال عبد الله يعني نفسه: وعمر لم يلقه، فعلى هذا يكون المزي تبعاً له فافهم.
الثالث بأن يرد في بعض طرق الحديث زيادة اسم راو بينهما كحديث رواه عبد الرزاق عن سفيان الثَّوري عن أبي إسحاق عن زيد بن يثيع (١) عن حذيفة مرفوعاً: " إن وليتموها أبا بكر فقوي أمين " فهو منقطع في موضعين لأنه روي عن عبد الرزاق، قال: حدثني النعمان بن أبي شيبة عن الثَّوري، وروى أيضاً عن الثَّوري عن شريك عن أبي إسحاق.
وحاصل هذا الثالث أن تأتي روايتان في إحداهما زيادة اسم راو بين راويين وكانت الناقصة مروية بما لا يقتضى الاتصال كعن ونحوها فإن الرواية الناقصة تكون معلة بالإسناد الزائد لأن الزيادة من الثقة مقبولة، وأما إذا كانت الناقصة بما يقتضى الاتصال كتحديث أو سماع أو نحوهما فلا
(١) يثيع: بضم الياء وفتح المثلثة بعدها ياء تحتانية ساكنة بعدها عين مهملة. اهـ.