للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشروط الأربعة، وهي عدد كثير، أحالت العادة تواطئهم على الكذب، ورووا ذلك عن مثلهم من الابتداء إلى الانتهاء، وكان مسند انتهائهم الحس، وانضاف إلى ذلك أن يصحب خبرهم إفادة العلم لسامعه فهو (المتواتر) خبر ما، اسمُ فاعل من التواتر، وهو لغة ترادف الأشياء المتعاقبة واحداً بعد واحد بينهما فترة، ومنه قوله تعالىِ: (ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى) أي رسولاً بعد رسول بينهما فترة، واصطلاحاً هو الذي رواه جماعة غير محصورين في عدد معين إلى آخر ما تقدم.

فإذا حصلت الشروط المذكورة استلزمت حصول العلم في الغالب، وقد يتخلف لمانع، كغباوة السامع، والمعتمد أن العلم الحاصل به هو اليقيني لا النظري.

(تنبيه): البحث عن المتواتر ليس من مباحث علم الإسناد إذ علم الإسناد يبحث فيه عن صحة الحديث أو ضعفه ليعمل به أو يترك والمتواتر ليس كذلك بل يجب العمل به من غير بحث عن رجاله وإن كانوا فساقاً.

ثم إن المتواتر قسم من المشهور فكل متواتر مشهور ولا عكس أفاده الحافظ.

ثم إن ما ذكر من عدم حصر المتواتر بعدد معين هو الذي عليه الجمهور وهو الأصح، ومنهم من عينه بعدد، وإليه أشار بقوله:

(وقوم حددوا) مبتدأ وخبر أي قوم من المحدثين أو من علماء أصول الحديث، أو أصول الفقه جعلوا لأقل عدده حداً (بعشرة) بسكون الشين متعلق بِـ حَدَّدُوْا وفي نسخة الشارح لعشرة باللام والمعنى متقارب.

والمعنى أن بعض العلماء عَيَّنَ أقل المتواتر بعشرة بمعنى أن الكثرة لا تنقص عنها، لا أنها لا تزيد عليها، إذ الزيادة هنا مستحسنة من باب أولى لأن العلم إذا حصل بالأقل فبالزيادة أولى وهكذا يقال في الأقوال الآتية.

وهذا القول محكي عن أبي سعيد الاصطخري قال: لأن ما دون العشرة آحاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>