أهل قسطنطينية بقتل ملكهم لأن الكثرة مانعة من التواطىء على الكذب، وقيل لا يجوز ذلك لجواز تواطىء الكفار، وأهل بلد على الكذب فلا يفيد خبرهم العلم قاله مُلَّا علي قارى نقلاً عن المَحَلّي، ولما قال بعضهم بعدم وجود المتواتر، وبعضهم بعزته ذكره بقوله:
(وبعضهم) أي بعض العلماء كابن حبان والحازمي مبتدأ خبره (قد ادعى فيه) أي المتواتر (العدم) أي كونه غير موجود في الروايات (وبعضهم) ادعى (عزته) أي قلته جداً يقال عَزُّ الشيء يعِزُّ بكسر العين في المضارع: قَلَّ بحيث لا يكاد يوجد، وهذا القائل هو ابن الصلاح حيث قال: ولا يكاد يوجد يعني المتواتر في روايتهم، وهو ما ينقله من يحصل العلم بصدقهم ضرورة عن مثلهم من أوله إلى آخره، ومن سئل عن إبراز مثال لذلك فيما يُروى من الحديث أعياه تطلبه، قال: نعم حديث " من كذب عليَّ " نراه مثالاً لذلك، وتبعه على ذلك النووي في التقريب، قال الناظم رحمه الله ردًّا على القولين تبعاً للحافظ رحمه الله (وهو) أي المذكور من دعوى العدم والعزة (وهم) كغلط وزناً ومعنى، يقال وَهِمَ في الحساب يوهم وهما كغلط يغلط غلطا وزناً ومعنى، ويتعدى بالهمزة والتضعيف، وقد يستعمل المهموز لازماً قاله في المصباح، والجملة مستأنفة.
والمعنى: أي دعوى عدم التواتر وعزته غلط من قائله نشأ عن قلة الاطلاع على كثرة الطرق وأحوال الرجال، وصفاتهم المقتضية لإبعاد العادة أن يتواطئوا على الكذب، أو يحصل منهم اتفاقاً.
ومن أحسن ما يقرر به كون المتواتر موجوداً وُجودَ كثرة في الأحاديث أن الكتب المشهورة المتداولة بأيدي أهل العلم شرقاً وغرباً المقطوعَ عندهم بصحة نسبتها إلى مصنفيها إذا اجتمعت على إخراج حديث، وتعددت طرقه تعدداً تحيل العادة تواطئهم على الكذب إلى آخر الشروط أفاد العلم اليقيني