للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمعنى: أن مجوز ذلك مخالف لإجماع المسلمين فقد أجمعوا على تحريمه في أي معنى كان وجعلوه من أكبر الكبائر.

ثم إن هؤلاء المجوزين هم بعض الكَرَّامية وهم قوم منسوبون إلى محمد بن كرام السجستاني، المتكلم، بفتح الكاف وتشديد الراء، وقيل بالتخفيف، وقيل بكسر الكاف وتخفيف الراء، وهو الجاري على ألسنة أهل بلده، وأنشد بعضهم على التخفيف قوله: (من الكامل)

الْفِقْة فِقْهُ أبي حَنِيفَةَ وَحْدَهُ ... وَالدِّينُ دِينُ مُحَمدِ بْنِ كِرَامِ

وقبله:

إنَّ الذِينَ لجَهْلِهِمْ لَمْ يَقْتَدُوا ... فِي الدِّينِ بِابنِ كِرَام غَيْرُ كِرَامِ

وهو أبو عبد الله محمد بن كرام شيخ الطائفة الكرامية، كان عابداً زاهداً، إلا أنه خذِلَ حتى التقط من المذاهب أردأها، ومن الأحاديث أوهاهَا توفي سنة ٢٥٥ هـ، واستدل هؤلاء على جواز ذلك بما روي في بعض طرق الحديث " من كذب عليّ مُتَعَمِّداً ليضل به النَّاس فليتبوأ مقعده من النار " أخرجه الطبراني عن عمرو بن حريث، وأبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود، قالوا فتحمل الروايات المطلقة على الروايات المقيدة، كما يتعين حمل الروايات المطلقة عن التعمد على المقيد به.

وأجيب بأن قوله ليضل به النَّاس مما اتفق الحفاظ على أنها زيادة ضعيفة. وحمل بعضهم حديث من كذب على مُتَعَمِّداً على من قال إنه ساحر أو مجنون واستدلوا لذلك بحديث أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " من كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده بين عيني جهنم قالوا يا رسول الله نحدث عنك بالحديث فنزيد وننقص قال: ليس ذلك أعني، إنما أعني الذي كذب علي متحدثاً يطلب به شين الإسلام " الحديث أخرجه الطبراني في الكبير وابن مردويه، والجواب عن هذا ما قاله الحاكم: إنه حديث باطل فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>