ويدل على قوله، قول الله تعالى (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (١٧)) فسوى بين الكذب على الله وتكذيبه.
ونقل الحافظ ابن كثير عن أبي الفضل الهَمَذَاني شيخ ابن عقيل من الحنابلة أنه وافق الجويني على هذه المسألة. ثم إن غالب الموضوعات مما اختلقه الوَضَّاعون. وبعضه مأخوذ من كلام النَّاس وإليه أشار بقوله:
(وغالب) الخبر (الموضوع) مبتدأ خبره قوله (مما اختلقا) بالبناء للفاعل، والألف إطلاقية، والفاعل قوله (واضعه)، والمعنى أن غالب الموضوعات مما صنعه الوضاعون من عند أنفسهم كما قدمناه من الأمثلة.
وكما وضعه مأمون بن أحمد الهروي لَمَّا قيل له ألا ترى إلى الشافعي، ومن تبعه بخراسان؟ من قوله: حدثنا أحمد بن عبد الله، حدثنا عبيد الله بن معدان الأزدي، عن أنس مرفوعاً " يكون في أمتي رجل يقال له: محمد بن إدريس أضر على أمتي من إبليس، ويكون في أمتي رجل يقال له: أبو حنيفة، هو سراج أمتي، هو سراج أمتي ".
قال الملا علي القاري: ولقد رأيت رجلاً قام يوم الجمعة والناس مجتمعون قبل الصلاة فابتدأ ليورد هذا الموضوع فسقط من قامته مغشيا عليه.
وكذا ما وضعه محمد بن عكاشة الكرماني لما قيل له إن قوماً يرفعون أيديهم في الركوع وفي الرفع منه، من قوله: حدثنا المسيب بن واضح، حدثنا ابن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن أنس مرفوعاً " من رفع يديه في الركوع فلا صلاة له ".