(ومن) مبتدأ خبره يجزم أي الذي (روى) أي أراد الرواية كقوله تعالى: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا) الآية، يعني أن الذي أراد أن يروي (متناً صحيحاً) بغير إسناده وكذا كتابته (يجزم) عند روايته أي يذكره بصيغة الجزم، كأن يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا، ويقبح فيه التمريض كما يقبح في الضَّعِيف الجزم.
والحاصل أن من روى حديثاً صحيحاً بغير إسناده أو كَتَبَهُ فعليه أن يؤديه أو يكتبه بصيغة الجزم ولايورده بصيغة التمريض التي تشعر بضعفه لأنه يوقع السامع أو القارئ إن كتبه في أن الحديث ضعيف.
(أو واهياً) عطف على صحيحاً، أي أو أراد رواية حديث ضعيف (أو) رواية حديث (حاله) بالرفع مبتدأ، أي حال ذلك الحديث وقوله (لا يعلم) بالبناء للمفعول خبر المبتدإ، أي غير معلوم للراوي، ويحتمل كون حاله مفعولاً مقدماً والفعل مبني للفاعل، والفاعل ضمير عائد على من، أي أو أراد رواية حديث لا يعلم الراوي حاله هل صحيح أم لا؟ (بغير ما)" ما " زائدة بين المتضايفين (إسناده) أي بلا ذكر سنده، والجار والمجرور متعلق بروى، وهذا القيد لا بد منه في الأول أيضاً، كما قدرناه قَبْلُ (يمرض) عطف على يجزم وفيه العطف على معمولي عاملين مختلفين، وفيه الخلاف المقرر في محله، يعني يذكره بصيغة التمريض.
وحاصل المعنى: أن من أراد رواية أو كتابة حديث ضعيف أو مشكوك في صحته بغير سنده فعليه أن يرويه أو يكتبه بصيغة التمريض، كأن يقول: رُوِيَ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو بلغنا عنه وما أشبه ذلك، لئلا يغتر به من لا يعرفه لو ذكره بصيغة الجزم، وقيد بقوله بغير إسناده إشارة إلى أنه إذا ذكره مع الإسناد لا يلزمه ذلك للاكتفاء بالإسناد.
لكن قدمنا أن مجرد ذكر الإسناد لا يكفي في البراءة عن العهدة في هذه الأزمان المتأخرة لقلة من يعرف حال السَّند، فذكره وعدمه لا يُجْدِي شيئاً، فلا بد من بيان حال الحديث، (وتركه) أي الراوي مفعول مقدم