للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بخلافه، ولم يكن ذلك قدحاً في نافع راويه. وجملة قوله (وضح) صفة لعكس أو حال منه (ولا) يقتضي صحة الحديث أيضاً على الأصح (بقاه) بالقصر للوزن أي بقاء الحديث (حيثما الدواعي) أي الأسباب الداعية للبطلان (تبطله) أي ذلك الحديث بأن تركه ذوو الدواعي مع سماعهم له آحادا.

وحاصل المعنى أن بقاء خبر تتوفر الدواعي على إبطاله لا يدل على صحته خلافاً للزيدية حيث تقول إنه يدل عليها للاتفاق على قبوله حينئذ.

ورد بأن الاتفاق على القبول إنما يدل على ظنهم صدقه ولا يلزم من ذلك صحته في الواقع.

مثاله قوله - صلى الله عليه وسلم - لعلي - رضي الله عنه - " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " رواه الشيخان. فإن دواعي بني أمية وقد سمعوه متوفرة على إبطاله لدلالته على خلافة علي - رضي الله عنه - كما قيل، كخلافة هارون عن موسى بقوله " اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي " وإن مات قبله ولم يبطلوه قاله القاضي زكريا. (و) لا يقتضي صحة الحديث أيضاً على الأصح (الوفق) بالفتح أي موافقة معناه (للإجماع) أي للحكم المجمع عليه لجواز أن يكون للإجماع مستند آخر، وقيل يقتضي ذلك إذ الظاهر استنادهم إليه وعدم مستند آخر، وقيل يقتضي ذلك إِن صرح أهل الإجماع بالاستناد إليه وإلا فلا وعليه ابن فورك (ولا) يقتضي أيضاً صحته على الأصح (افتراق العلماء الكمل) جمع كامل (ما) زائدة (بين محتج) بذلك الحديث (و) بين (ذي تأول) أي متأول له.

وحاصل المعنى أنه إذا افترق العلماء في الحديث فاحتج به بعضهم وتأوله آخرون فالأصح أن ذلك لا يدل على صحة الحديث، وقيل يقتضي ذلك لاتفاقهم عليه حيث احتج به بعضهم وتأوله الآخرون، إذ لو لم يصح لما احتاجو إلى تأويله. وأجيب بأن الاتفاق المذكور على ظنهم صحته، ولا يلزم منه ذلك في الواقع.

<<  <  ج: ص:  >  >>