بعضه ببعض، قال وبالكسر دائرة من حديد ونحوه. اهـ باختصار. قلت: ويجوز (١) الوجهان هنا.
يعني: أن المقصود الآن صار بقاء سلسلة السَّند بحدثنا أو أخبرنا لتبقى هذه الكرامة التي اختصت بها هذه الأمة شرفاً لنبيها - صلى الله عليه وسلم - فلا يحتاج إلى مراعاة جميع ما تقدم لتعذر وفائه في رَاوٍ، بل يكفي وجود بعضه، كما أشار إليه بقوله:
(فليعتبر) أي فإذا كان المقصود ذلك فليعتبر من الشروط ما يليق بالمراد المذكور ولْيُكتَفَ ببعضها وهو (تكليفه) أي كون الراوي مكلفاً أي بالغاً عاقلاً (والستر) أي كونه مستور الحال، وهو أن لا يكون متظاهراً بالفسق، أو السخف الذي يخل بالمروءة لتتحقق عدالته، هذا من حيث العدالة، وأما من حيث الضبط، فأشار إليه بقوله:(وما) مبتدأ أي الحديث الذي (روى) أي نقله وحفظه (أثبتـ) ـهُ (ثبت) بسكون الباء أي ثقة متثبت في روايته (بر) صفة لثبت، وهو بفتح الباء من بَرَّ الرجلُ يَبَرُّ وِزَانَ عَلِمَ يَعْلَم فهو بَرّ بالفتح، وبار أي صادق، أو تقي، والجملة خبر المبتدإ، وجملة المبتدإ والخبر حال من الضمير المجرور، يعني: أن ما رواه يكون ثَابِتاً بخط ثقة غير متهم سواء الشيخ، أو القارئ أوبعض السامعين وسواء كُتِبَ على الأصل أم في ثبت بيده إذا كان الكاتب ثقة من أهل الخِبْرَة بهذا الشأن، بحيث لا يكون الاعتماد في رواية هذا الراوي عليه بل على الثقة المفيد لذلك، أفاده القاضي زكريا. (وليروِ) حين يحدث (من) أصل صحيح (موافق لأصل شيوخه فذاك) أي ما ذكرناه مبتدأ، وخبره قوله:(ضبط الأهل) أي الضبط المعتبر لأهل الحديث في الأعصار المتأخرة بخلاف الضبط في المتقدمين.
وحاصل معنى الأبيات الأربعة: أن المحدثين أعرضوا في هذه
(١) فيكون المعنى على الفتح: بقاء اتصال الإسناد بعضه ببعض، وعلى الكسر يكون المعنى على التشبيه، أي بقاء الإسناد الشبيه بالسِّلْسِلَة.