وقال الذهبي: قولهم منكر الحديث لا يعنون به أن كل ما رواه منكر، بل إذا روى الرجل جملة وبعض ذلك مناكير فهو منكر الحديث.
وقال السخاوي: وقد يطلق ذلك على الثقة إذا روى المناكير عن الضعفاء.
وقال ابن دقيق العيد: قولهم روى مناكير لا يقتضي بمجرده ترك روايته حتى تكثر المناكير في روايته، وينتهي إلى أن يقال فيه منكر الحديث، لأن منكر الحديث وصف في الرجل يستحق به الترك لحديثه، والعبارة الأخرى لا تقتضي الديمومية، كيف وقد قال أحمد بن حنبل في محمد بن إبراهيم التيمي يروي أحاديث منكرة، وهو ممن اتفق عليه الشيخان، وإليه المرجع في حديث " إنما الأعمال بالنيات ".
(تنبيه آخر): ينبغي أن يتأمل في أقوال المزكين ومخارجها، فقد يقولون فلان ثقة أو ضعيف ولا يريدون به أنه ممن يحتج بحديثه، ولا ممن يرد، وإنما ذلك بالنسبة لمن قرن معه على وقف ما وُجِّهَ إلى القائل من السؤال، كأن يسأل عن الفاضل المتوسط في حديثه ويقرن بالضعفاء فيقال: ما تقول في فلان وفلان وفلان فيقول: فلان ثقة يريد أنه ليس من نمط من قرن به فإذا سئل بمفرده بين حاله في المتوسط.
مثل ما قال عثمان الدارمي: سألت ابن معين عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه فقال: ليس به بأس، قلت: هو أحب اليك أو سعيد المقبري؟ قال: سعيد أوثق، والعلاء ضعيف يعني أنه ضعيف بالنسبة لسعيد المقبري لا مطلقاً، وعلى هذا يحمل أكثر ما ورد من اختلاف كلام أئمة الجرح والتعديل ممن وَثَّقَ رجلًا في وقت وجرحه في آخر.
وقد يكون الاختلاف لتغير اجتهاده، يعني أنه يجتهد فيعدله، ثم يتغير اجتهاده فيجرحه، أو بالعكس، أفاده الحافظ السخاوي رحمه الله.
(تَتِمَّة): الزيادات في هذا الباب قوله فى البيت الأول ما جاء إلى آخر البيت الثاني، وقوله: ومنه من يُرْمَى إلى آخر البيت.