وحاصل المعنى أن من تحمل الحديث في حال كفره، أو صغره، أو فسقه ثم أداه بعد كمال الأهلية قَبِلَهُ الجمهور.
أما الكافر فقبول روايته اتفاق كما قاله السخاوي، خلافاً لما أفاده في النظم من أنه قول الجمهور، لأن كَماَلَ الأهلية لا يشترط حين التحمل عندهم، واحتجوا بأن جبير بن مطعم - رضي الله عنه - قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - في فداء أسارى بدر قبل أن يسلم فسمعه حينئذ يقرأ في المغرب بالطور، قال جبير: وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي، وفي لفظ فأخذني من قراءته الكَرْب، وفي آخر فكأنما صدع قلبي حين سمعت القرآن، وكان ذلك سبباً لإسلامه، ثم أدى هذه السنة بعد إسلامه، وحملت عنه.
وأما الفاسق فإنه إذا تحمل في حال فسقه ثم زال فسقه وأدى فإنه يقبل عندهم من باب أوْلَى.
وأما الصبي: فإن الجمهور على قبوله إذا أدى بعد البلوغ، وشذ قوم فلم يقبلوه لأن الصبا مظنة عدم الضبط، ورد بالإجماع على قبول حديث جماعة من الصحابة مما تحملوه في الصغر، كالسبطين الحسن والحسين، وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وابن الزبير، وابن عباس، وغيرهم من غير فرق بين ما تحملوه قبل البلوغ وبعده، وكذلك كان أهل العلم من المحدثين سلفاً وخلفاً يُحضِرُون الصبيان مجالس العلم، ثم يقبلون رواياتهم بعد البلوغ.
ولما اختُلِفَ في وقت طلب الحديث للصبي ذكره بقوله:
(والمشتهر) من أقوال العلماء الذي صوبه المحققون مبتدأ خبره جملة قوله: (لا سن للحمل) أي عدم اعتبار سن معين في تحمل الحديث، والرابط كون الخبر في المعنى نفس المبتدإ (بل المعتبر) في ذلك مبتدأ خبره قوله: (تمييزه) أي كون الصبي مميزاً، وإن كان دون خمس، وإلا لم يصح، وإن كان ابن خمسين، ثم فسر التمييز، فقال:(أن) مصدرية (يفهم) الصبي (الخطابا) بألف الإطلاق، أي مخاطبة النَّاس له وأن وصلتها في تأويل المصدر بدل من تمييز، أو خبر لمحذوف، أي هو فهمه الخطاب وقوله:(قد ضبطوا)