(معتمد) بصيغة اسم المفعول، أي ثقة من أهل الخِبْرَة بذلك الشيخ.
وحاصل المعنى: أنه إذا سمعت الشيخ يحدث وهو وراء الحجاب صح أن تروي عنه بشرط معرفتك له إما بصوته أو بإخبار ثقة به.
وهذا مذهب الجمهور من المحدثين وهو بخلاف الشهادة (ورَدَّ هذا)
أي السماع من وراء الستر (شعبة) ابن الحجاج بن الورد أبو بسطام العتكي الواسطي نزيل البصرة، فإنه شرط رؤية الشيخ لاحتمال أنه شيطان تصور بصورة ذلك الشيخ يقول حدثنا وأخبرنا.
وهذا خلاف الصواب إذ تمثل الشيطان بصورة لا يختص في حالة الاحتجاب بل يجوز في العيان والمشاهدة أيضاً.
ولأن الصحابة والتابعين كانوا يسمعون من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - من وراء حجاب ويروون عنهن، وبأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر باعتماد الصوت مع غيبة شخصه، فقال:" إن بلالًا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ".
وقد ترجم البخاري رحمه الله في صحيحه شهادة الأعمى، وأمره، ونكاحه، وإنكاحه، ومبايعته، وقبوله في التأذين وغيره، وما يعرف من الأصوات، وأورد لذلك دلائل كثيرة فارجع إليه.
على أن بعضهم تأول قول شعبة هذا بأنه محمول على احتجاب الراوي من غير عذر مبالغة في كراهة احتجابه.
قال السخاوي: وأما النساء فلا خلاف في جواز الرواية عنهن مع وجوب احتجابهن اهـ. ثم ذكر صيغ الأداء المستعملة في هذا القسم فقال:
(ثم سمعت) أي هذا اللفظ مبتدأ لقصد لفظه (في الأداء) أي رواية ما تحمله بسماع لفظ الشيخ متعلق بقوله (أشبه) أي أولى بالتقديم مما يأتي بَعْدُ، وهو خبر المبتدإ.