من أنبأنا ونبأنا، وليس المراد أنه دون قال لنا لأنهما في مرتبة واحدة، ولو قال: ومِثلهُ لكان أولى (لنا ذكر) أي هذا اللفظ فهو مبتدأ محكي لقصد لفظه خبره الظرف قبله.
يعني: أن قول الراوي ذكر لنا فلان، أو ذكر لي فلان دون قوله أنبأنا، فهي مثل حدثنا في كونه متصلًا لكنهم كثيراً ما يستعملون هذا فيما سمعوه في حال المذاكرات كما أشار إليه بقوله:(وفي المذاكرات) أي في حال المذاكرات مع الشيخ والمناظرة له متعلق بأبر (هذه) أي ذَكَرَ لنا، ولو قال: هذان إشارة إلى قال لنا، وذكر لنا لكان أولى، فقوله: هذه مبتدأ خبره قوله (أبر) أي أحسن.
وحاصل المعنى أن استعمال ذكر لنا وما أشبهه في أداء ما سمعه مذاكرة أحسن من حدثنا (وبعضهم) أي بعض العلماء، وهو ابن الصلاح مبتدأ خبره قوله (قال سمعت) أي استعمالها (أَخِّرَا) بالبناء للمفعول، والألف إطلاقية، يعني أن سمعت مؤخرة عن حدثنا، ونحوها، ويحتمل كونه فعل أمر والألف بدل من نون التوكيد، أي أخِّرَنْ أيها المحدث سمعت من حدثنا ونحوها، فقوله سمعت على الأول مبتدأ محكي خبره أَخِّرَا، وعلى الثاني مفعول مقدم لأَخِّرَا.
وحاصل المعنى: أن بعضهم قال إنّ سمعت مؤخرة عن نحو حدثنا لأنها لا تدل على أن الشيخ خاطبه بالحديث بخلاف حدثنا ونحوها كأنها تدل عليه، وقد سأل الخطيب شيخه الحافظ أبا بكر البرقاني عن السر في كونه يقول لهم فيما رواه عن أبي القاسم الأنبدوني سمعت، ولا يقول حدثنا، ولا أخبرنا، فذكر له أن أبا القاسم كان مع ثقته وصلاحه عَسِراً في الرواية، فكان البرقاني يجلس بحيث لا يراه أبو القاسم ولا يعلم بحضوره فيسمع منه ما يحدث به الشخص الداخل، فلذلك يقول سمعت، ولا يقول حدثنا ولا أخبرنا، لأن قصده كان الرواية للداخل إليه وحده، قاله في التدريب.