وإنما خص المبتدئ، لأنه أشد حاجة إلى البيان من غيره.
وحاصل معنى البيت: اضبط أيها المحدث المشكلَ في نفس الكتاب واكتبه أيضاً في الحاشية قبَالته مع تقطيع الحروف، فإن هذا أنفع، وذلك لأنه يظهر شَكلُ الحرف بكتابته مفرداً في بعض الحروف، كالنون، والياء التحتانية، بخلاف ما إذا كتبت مجتمعة، والحرف المذكور في أولها، أو وسطها، أفاده السخاوي.
ثم ذكر ما ينبغي أن يتنبه له الكاتب في كتابه وهو تحقيق الخط، فقال:
٤٣٩ - وَالْخَطَّ حَقِّقْ لا تُعَلِّقْ تَمْشُقِ ... وَلا ـ بِلا مَعْذِرَةٍ ـ تُدَقِّقِ
(والخط) مفعول مقدم لقوله (حقق) أمر من التحقيق، يقال: حققت العقدة، إذا أحكمت شدها، أفاده في التاج.
والمعنى: أحْكِم خطك أيها المحدث بتبيين حروفه، فلا تخلط ما لا يستحق الخلط، ولا تفرق ما لا يستحق التفريق، كما بينه (١) بقوله: (لا تعلق) نهي من التعليق، وهو فيما قيل: خلط الحروف التي ينبغي تفرقتها، وإِذْهابُ أسنان ما ينبغي إقامة أسنانه، وطمس ما ينبغي إظهار بياضه، قاله السخاوي ولا (تمشق) نهي من المشق، يقال: مشقت الكتاب مشقاً من باب قتل: أسرعت في فعله، قاله في المصباح.
وقال السخاوي: المشق بفتح أوله وإسكان ثانية، وهو خفة اليد وإرسالُها، مع بعثرة الحروف، وعدم إقامة الأسنان، فأفاد أن بين التعليق والمشق عموماً وخصوصاً وجهياً، يجتمعان في عدم إقامة الأسنان، ويختص التعليق بخلط الحروف وضمها، والمشق ببعثرتها وإيضاحها بدون القانون المألوف.
(١) فقوله: لا تعلق إلى آخر البيت، توضيح لمعنى حقق.