للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصرح ابن الصلاح والنووي بالكراهة. قلت: ولا أرى له دليلاً، وكذا يكره إفراد أحدهما عن الآخر، كما أشار إليه بقوله:

(أو تفرد) عطف على تكن مجزوم، وكسرت داله لِلروِيّ، وأو بمعنى الواو، أي ولا تفرد أحدهما عن الآخر، فإنه مكروه، صرح به النووي رحمه الله متمسكاً بورود الأمر بها في الآية معاً، وخص ابن الجزري الكراهية بما وقع في كتب رواهُ الخلف عن السلف، لأن الاقتصار على بعضه خلاف الرواية، قال: فإن ذكر رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: اللهم صل عليه مثلاً، فلا أحسب أنهم أرادوا أن ذلك يكره اهـ.

وقال الحافظ: إن كان فاعل أحدهما يقتصر على الصلاة دائماً فيكره من جهة الإخلال بالأمر بالإكثار منهما، والترغيب فيهما، وإن كان يصلي تارة ويسَلِّم أخرى من غير إخلال بواحدة منهما فلم أقف على دليل يقتضي كراهته، ولكنه خلاف الأولى إذِ الجمع بينهما مستحب اهـ.

ثم إن كتابة ما ذكر لا يتقيد بوجوده في الكتاب المنقول منه، لأنه ثناء ودعاء، وإليه أشار بقوله:

..................... ... وَلَوْ خَلا الأَصْلُ، خِلافَ أَحْمَدِ

(ولو خلا الأصل) المنقول منه، لعدم التقيد به في ذلك، فإنه ثناء ودعاء تثبته أنت، لا كلام ترويه عن غيرك (خلاف أحمد) الإمامِ، حال (١) من فاعل اكتب أي اكتب ذلك كله مخالفاً لأحمد، أو من محذوف أي قلت: هذا مخالفاً له، فإنه رحمه الله يكتب كثيراً اسم النبي - صلى الله عليه وسلم - بدون ذلك، ذكره الخطيب، ولعله كما قال ابن الصلاح: يرى التقيد في ذلك بالرواية، لالتزامه اقتفاءَهَا، فحيث لم يجدها في أصل شيخه، وعز عليه


(١) قوله: حال. أي على قلة من مجيء الحال مصدرًا معرفة إِذ الغالب مجيء الحال مصدراً نكرة كما قال ابن مالك:
وَمَصْدَر مُنَكر حَالًا يَقَعْ ... بِكَثْرَةٍ كَبَغْتَةً زَيْد طَلَعْ

<<  <  ج: ص:  >  >>