ثم إن الصَّحِيح أنه لا يشترط المقابلة بنفسه، بل تكتفى مقابلة ثقة وإليه أشار بقوله:(ويكتفى) بالبناء للمفعول أي يكتفى بالمقابلة (إن) شرطية (ثقة قابله) أي إن قابل الكتاب ثقة غيره (في المقتفى) أي القول المختار.
وحاصل المعنى: أنه لا يشترط في صحة السماع مقابلة الشخص بنفسه، بل تكفي مقابلة ثقة أيَّ وقت كان حال القراءة أو بعدها، وهذا هو الصواب الذي قاله الجمهور.
(ونظر السامع) أي الشخص الذي يَسْمَعُ الحديث، وهو مبتدأ خبره يندب (منه) أي من الشيخ متعلق بالسامع، وفي نسخة الشارح معه وهو قريب من معنى الأول (يندب) أي يستحب (في نسخة) متعلق بنظر، يعني أنه ينظر في نسخةٍ إمَّا لَهُ، أو لِمَنْ حضر من السامعين، أو الشيخ.
والحاصل: أنه يستحب أن ينظر الطالب حين سماع الحديث في نسخةٍ من الكتاب المسموع، لأنه أضبط وأجدر أن يفهم معه ما يستمع، لوصول المقروء إلى قلبه من طريقي السمع والبصر، كما أن الناظر في الكتاب إذا تلفظ به يكون أثبت في قلبه، لأنه يصل إليه من طريقين، ويتأكد النظر إذا أراد السامع النقل منها، لكونه حينئذ كأنه قد تولى العرض بنفسه. ثم إن كونه مستحباً هو الذي صرح به الخطيب، وهو الصواب الذي قاله الجمهور، وقال ابن معين: يجب ذلك وإليه أشار بقوله: (وابن معين) مبتدأ خبره محذوف تقديره قائل، وهو الإمام أبو زكريا يَحْيَى بن مَعِين بن عَون الغطفاني، مولاهم، البغدادي، ثقة، حافظ، مشهور إمام الجرح والتعديل، مات سنة ٢٣٣ هـ. بالمدينة، وله بضع وسبعون سنة، وقوله:(يجب) مقول للخبر المقدر.
والمعنى أن ابن معين قال: يجب النظر المذكور.
وذلك أنه سئل عمن لم ينظر في الكتاب، والمحدث يقرأ، أيجوز له أن