للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم إنَّ من شأن المتقنين الحُذَّاق الاعتناءَ بالتصحيح، والتضبيب، والتمريض، كما بين ذلك بقوله:

٤٥٧ - مَا صَحَّ فِي نَقْلٍ وَمَعْنًى وَهْوَ فِي ... مَعْرِضِ شَكٍّ " صَحَّ " فَوْقَهُ قُفِي

٤٥٨ - أَوْ صَحَّ نَقْلاً وَهْوَ فِي الْمَعْنَى فَسَدْ ... ضَبِّبْ وَمَرِّضْ فَوْقَهُ صَادٌ تُمَدْ

(ما) مبتدأ أي الكلام الذي (صح فىِ نقل) أي روايةٍ (ومعنى) أي فيما يُعنيَ ويُقصَد منه (و) الحال (هو) أي الكلام الصَّحِيح فيهما (في معرض شك) أي محل عُرُوضِهِ، أي ظهوره، يقال: قلته في مَعْرِض كذا وزان مَسْجِد، أي في موضع ظهوره، أفاده الفيومي، (صح) أي هذا اللفظ، مبتدأ لقصد لفظه، خبره جملة قوله: " قفى " (فوقه) أي فوق ما هو معرض للشك متعلق بقوله: (قفي) أي تُبِع، بمعنى كتب، وجملة المبتدإ والخبر خبر " ما ".

وحاصل معنى البيت: أنه إذا وُجِدَ كلام صحيح معنى وروايةً، وهو عُرْضَة للشك في صحته، أو الخلاف فيه: كتب فوقه كلمةُ صَحَّ تامةً كبيرةً، أو صغيرة، وهو أحسن إشارةً بها إلى أنه لم يُغْفَل عنه، وأنه قد ضُبِطَ وصح على ذلك الوجه، لئلا يبادر الواقف ممن لم يتأمل إلى تخطئته، وهذا هو الأشهر والأحسن.

ويكفي كتابتها في الحاشية مثلاً، لا بجانبه، لئلا يلتبس (أو صح نقلاً) أي من حيث النقل والرواية (وهو في المعنى) أي من جهة المعنى (فسد) بأن يكون غير جائز من حيث العربيةُ، أو شاذًّا عند جمهور أهلها، أو مصحَّفاً، أو ناقصاً لكلمة، فأكثر، أو مقدماً، أو مؤخراً، أو نحو ذلك، (ضبب) أمر من التضبيب (ومرض) أمر من التمريض.

والتضبيب والتمريض شيء واحد فسره بقوله: (فوقه) أي فوق ما ذكر مما صح نقلاً وفسد معنى خبر مقدم لقوله: (صاد) أي كائنة فوقه صاد وجملة قوله (تمد) بالبناء للمفعول صفة لصاد، أي صاد ممدودة، والجملة بيان لمعنى التضبيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>