للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال السخاوي بعد ذكر ما تقدم: ثم إن ما ذهب إليه الجمهور لا ينارع فيه من لم يجز النقل بالمعنى لأن الذي نقله والذي حذفه والحالة هذه بمنزلة خبرين منفصلين في أمرين لا تعلق لأحدهما بالآخر اهـ.

وسواء في ذلك رواه هو أو غيره قبله تاماً أم لا، ومقابل قول الجمهور أقوال ثلاثة:

الأول: المنع مطلقاً سواء تقدمت روايته له تاماً أم لا، كان عارفاً بما يحصل به الخلل أم لا، بناء على منع الرواية بالمعنى مطلقاً، لأن رواية الحديث على النقصان والحذفِ لبعض متنه يقطع الخبر ويغيره عن وجهه، وربما حصل الخلل والمختصر لا يشعر.

الثاني: الجواز مطلقاً احتاج إلى تغيير لا يخل بالمعنى أم لا، تقدمت روايته له تاماً أم لا، وبه قال مجاهد، وابن المبارك.

ولكن هذا الإطلاق ينبغي تقييده بما إذا لم يكن المحذوف متعلقاً بالمَأتِيّ تعلقاً يخل المعنى بحذفه كما تقدم في قول الجمهور.

القول الثالث: قول من قال بالتفصيل وهو أنه إن لم يكن رواه على التمام مرة أخرى هو أو غيره لم يجز وإن جازت الرواية بالمعنى، وإن كان رواه على التمام مرة أخرى هو أو غيره بحيث أمن بذلك تفويت سنة أو حكم أو نحو ذلك جاز.

هذا كله إن ارتفعت منزلته عن التهمة، فأما من رواه مرة تاماً فخاف إن رواه ثانياً ناقصاً أن يتهم بزيادة فيما رواه أوَّلاً، أو نسيان لغفلة وقلة ضبط فيما رواه ثانياً فلا يجوز له النقصان ثانياً إن تعين عليه.

وإلى هذا أشار بقوله: (وامنع) أيها المحدث حذف بعضر الخبر (لذي تهمة) أي لمن يُتَّهَم في روايته بعدم الضبط فيما رواه فإنه يجب عليه أن يزيل هذه التهمة فلا يروي ناقصاً، والتُّهَمةُ بضم التاء وفتح الهاء، كَهُمَزَة: الظنُّ، وتسكينُ الهاء لغة كما أفادها الفيومي نقلاً عن الفارابي.

<<  <  ج: ص:  >  >>