للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخطأ، يقال: صحفه فتصحف أي غيره فتغير حتى التبس قاله في المصباح.

فالتصحيف على هذا أعم من اللحن، وعلى ما تقدم عن زكريا مغاير (خوفاً) أي لأجل خوفك، أو حذرتك لأجل خوفي عليك (من التبديل) أي تغيير كلامه - صلى الله عليه وسلم - (والتحريف) له عطف على التبديل عَطْفَ تفسير.

وحاصل معنى البيت احذر أيها المحدث من اللحن أو التصحيف في حديثه - صلى الله عليه وسلم - لئلا تغير كلامه فتدخل في جملة مَن كَذب عليه، فقد قال الأصمعي: إن أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل في جملة قوله - صلى الله عليه وسلم -: " من كذب عليَّ فَلْيَتَبَوَّا مقعده من النار " لأنه لم يكن يلحن، فمهما رويت عنه، ولحنت فيه فقد كذبت عليه. وعن حماد بن سلمة أنه قال لإنسان: إن لحنت في حديثي فقد كذبت عليّ، فإني لا ألحن، وقد كان حماد إماماً في ذلك.

وعن سيبويه أنه شكا إلى الخليل بن أحمد حمادَ بن سلمة هذا، قال: سألته عن حديث هشام بن عروة عن أبيه في رجل رَعُفَ فانتهرني وقال: أخطأت إنما هو رَعَفَ أي بفتح العين، فقال الخليل: صدق، أتلقى بهذا الكلام أبا سلمة؟ وهو مما ذكر في سبب تعلم سيبويه العربية. ويقال أيضاً: هو سبب تعلم ثابت البناني لها. فإذا كان الأمر كما وصفنا والحال ما بيّنا (فـ) نقول (النحو) أي تعلم قواعده، وهو علم بأصول مستنبطة من اللسان العربي، يعرف بها أحوال الكلمات العربية إفراداً وتركيباً، وضعت حين اختلاط العجم ونحوهم بالعرب، واضطراب العربية بسبب ذلك.

(و) تعلم (اللغات) جمع لغة، هي: العلم بالألفاظ الموضوعة للمعاني ليتوصل بها إليها تكلماً، فقوله: النحو مبتدأ واللغات عطف عليه وخبره قوله (حق من طلب) الحديث.

وحاصل المعنى: أن تعلم قواعد النحو واللغة واجب على طالب علم الحديث، وغيره، بحيث يتعلم من كل منهما ما يتخلص به عن شين اللحن

<<  <  ج: ص:  >  >>