أي هذا الجواز مشابه لجواز تقديم بعض متن على بعض حيث يصح (في) القول (الأصح)، ومقابل الأصح فيهما المنع، وهذا كما قال ابن الصلاح بناء على جواز الرواية بالمعنى وعدمه.
وحاصل ما أشار إليه رحمه الله في هذه الأبيات الثلاثة: أنه إذا قدم المتن كقال النبي - صلى الله عليه وسلم - كذا ثم ذكر الإسناد بعده، أو المتن مع بعض السَّند، كأن يقول: روى عمرو بن دينار عن جابر، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا وكذا، أخبرنا به فلان ويسوق سنده إلى عمرو، فهو سند متصل، فلو أراد من سمعه هكذا تقديمَ جميعِ الإسناد، فجوزه بعض أهل الحديث من المتقدمين، قال النووي: هو الصَّحِيح.
وهذا كما قال ابن الصلاح: كتقديم بعض المتن على بعض، فالخلاف في هذا كالخلاف فيه، فإن الخطيب حكى فيه المنع بناء على منع الرواية بالمعنى، والجواز بناء على جوازها، لكن نازع البلقيني ابن الصلاح فيه، فقال: وهذا التخريج ممنوع، والفرق أن تقديم بعض الألفاظ على بعض يؤدي إلى الإخلال بالمقصود في العطف، وعود الضمير، ونحو ذلك، بخلاف تقديم السَّند كله، أو بعضه، فلذلك جاز فيه ولم يتخرج على الخلاف انتهى.
ثم ذكر قاعدة لابن خزيمة في صحيحه حيث إنه يؤخر السَّند عن المتن إذا كان فيه مقال فليس لأحد أن يغير ذلك ولو جازت الرواية بالمعنى فقال:
(وابن خزيمة) مبتدأ، خبره جملة يقدم، وهو الحافظ الكبير الثبت إمام الأئمة، أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح بن بكر السلمي، النيسابوري، ولد سنة ثلاث وعشرين ومائتين ومات في ذي القعدة سنة إحدى عشرة وثلاثمائة عن نحو تسعين سنة. وقوله (يقدم) خطأ، والصوابُ يؤخر (السَّند) على المتن، فيبتدأ أولاً بذكر المتن ثم بَعْدَ الفراغ منه يذكر السَّند (حيث) يوجد (مقال) أي طعن في ذلك السَّند (فـ) إذا كان السبب