لك أن تَرْوِيَ بالإسناد الثاني فقط المتنَ الأول، لعدم تيقن تماثلهما في اللفظ، وفي قدر ما تفاوتا فيه.
هذا هو الأظهر، وهو قول شعبة، وعليه ابن الصلاح، والنووي، وابن دقيق العيد، (وقيل جاز) ذلك (إن يكن من يروه) أن يروي ذلك المتنَ بالإسناد الثاني (ذا ميزة) بالفتح مصدر ما يميز من باب باع: إذا عزل الشيء، وفصله، والتاء للمرة، وأما الميزة بالكسر فهي التنقل كما في التاج ولا يناسب هنا.
والمعنى: أنه يجوز أن يروي المتن المتقدم بالسَّند الثاني إذا كان الراوي مَعْرُوفاَ بتميز الألفاظ وعد الحروف وإلا لم يجز، وهو قول سفيان الثَّوري، وابن معين.
(وقيل لا) يجوز ذلك (في نحوه) أي فيما إذا قال الشيخ نحوه، ويجوز في مثله، وهذا التفصيل مروي عن ابن معين عملاً بظاهر اللفظين إذْ مِثْلُهُ يعطي التساوي في اللفظ، بخلاف نحوه.
قال الخطيب: هذا الفرق بين مثله ونحوه يصح على منع الرواية بالمعنى، فأما على جوازها فلا فرق.
(الحاكم) أبو عبد الله محمد بن عبد الله المشهور بابن البَيعّ النيسابوري المتوفى سنة خمس وأربعمائة عن أربع وثمانين سنة، مبتدأ محذوف الخبر، أي قائل، أو فاعل لمحذوف، أي قال الحاكم مَفَرِّقاً بين مثلِهِ ونحوِهِ (اخصص) أيها الراوي مقول للقول المقدر (نحوه) أي هذا اللفظ (بالمعنى) أي بما اتفقا في المعنى، لا في اللفظ. (و) اخصص (مثله باللفظ)، أي بما اتفقا في اللفظ، ثم قال الناظم مستحسناً قول الحاكم (فرق سنا) أي هذا فرق سن فهو خبر لمحذوف، وقوله: سن بالبناء للمفعول، أي بُيِّنَ، أن هذا فرق مبين واضح لا خفاء فيه، يقال: سنّ الله أحكامه للناس بَيَّنَها، وسنّ الله سنة: بَيَّنَ طريقاً قويماً، قاله في التاج، هذا هو الموافق للوزن،