للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالمناسب مادة قَصَرَ عن كذا لا اقتصر على كذا، يقال: قَصَرَ عن الأمر قصوراً واقصَر وقَصَّر وَتَقَاصَرَ انتهى وعنه عجز قاله في " ق ".

وحاصل المعنى: أن من اقتصر على سماع الحديث وقَصَرَ عن فهم ما في سنده ومتنه (كمثل الحمار) خبر المبتدإ أي كصفة الحمار الذي هو أبلد الحيوان وبئس المثل.

وقد مثل الله تعالى بهذا المثلِ اليهودَ الذين لم يعملوا بما في التوراة حيث قال: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا) الآية.

فلا ينبغي لسامع الحديث أن يقتصر عليه لإتعابه نفسه من غير أن يظفر بطائل ولا حصول في تعداد أهل الحديث، قال بعض الأدباء:

إِنَّ الَّذِي يَرْوِي وَلَكِنَّهُ ... يَجْهَل مَا يَرْوِي وَمَا يَكْتُبُ

كَصَخْرَةٍ تَنْبَعُ أمْوَاهُهَا ... تَسْقِي الأرَاضِي وَهْيَ لَا تَشْرَبُ

فإذا كان الأمر كما وصفنا.

(فليتعرف) من التعرف مبالغة في المعرفة، أي ليعرف سامع الحديث معرفة بالغة (ضعفه) أي ضعف ذلك الحديث إن كان ضعيفاً (وصحته) إن كان صحيحاً وكذا حسنه (وفقهه) أي ما فيه من الأحكام (ونحوه) أي ما يحتاج إليه الحديثي من النحو، وهو لغة القصد، واصطلاحاً هو علم بأصول مستنبطة من كلام العرب يعرف بها أحكام الكلمات العربية حَالَ إفرادها كالإعلال والحذف والإدغام والإبدال، وحالَ تركيبها كالإعراب والبناء وما يتبعهما من بيان شروطٍ لِنَحْو النواسخ فهو يعم الصرف.

(ولغته) أي ما يحتاج إليه الحديثي من علم اللغة، وهو لغة أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم أفاده في " ق "، وفي اصطلاح أهل الشرع عبارة عما حفظ من كلام العرب الخُلَّص، ونُقِلَ عنهم من الألفاظ الدالة على المعاني أفاده الشارح.

<<  <  ج: ص:  >  >>