للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما علل به من كثرة الثواب لكثرة التعب في معرفة أحوال الرواة غير سديد إذ التعب ليس مقصوداً لذاته بل المقصود من الرواية هو الصحة، وهي في قلة الوسائط أتم منها في كثرتهم.

وشبهه العراقي بمن يقصد المسجد للجماعة فيسلك الطريق البعيدة لتكثير الخُطَا رغبة في كثرة الأجر، وإن أداه سلوكها إلى فوت الجماعة التي هي المقصود.

٦٠٩ - وَقَسَّمُوهُ خَمْسَةً كَمَا رَأَوْا: ... قُرْبٌ إِلَى النَّبِيِّ أَوْ إِمَامٍ اْوْ

٦١٠ - بِنِسْبَةٍ إِلَى كِتَابٍ مُعْتَمَدْ ... يُنْزَلُ لَوْ ذَا مِنْ طَرِيقِهِ وَرَدْ

(وقسموه) أي قسم العلماءُ العلوَّ، وأول من قسمه أبو الفضل ابن طاهر وتبعه ابن الصلاح وغيره (خمسة) بالنصب مفعول مطلق على النيابة أي تقسيماً خمسة لكن بين كلامَي المذكورَينِ اختلاف في ماهية بعضها، وقوله (كما رأوا) الكاف للتعليل أي إنما قسموه خمسة لما استبان لهم مما يقتضي ذلك، ثم هي ترجع إلى علو مسافة، وهي قلة الوسائط، وهي الثلاثةُ الأوَلُ، وإلى علو صفة، وهما الأخيران، أشار إلى الأول وهو العلو المطلق بقوله: (قرب) خبر لمحذوف أي أولها قرب المحدث (إلى النبي) - صلى الله عليه وسلم - من حيث العدد.

يعني: أن أول الأقسام ويسمى علواً مطلقاً هو القرب من النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنظر لسائر الأسانيد، أو لإسناد آخر، فأكثر لذلك الحديث بعينه، وهذا العلو هو الأفضل إن صح إسناده وإلا فلا اعتبار به.

وأشار إلى الثاني، وهو العلو النسبي بقوله: (أو) قرب إلى (إمام) من أئمة الحديث ذي صفات علية من حفظ وفقه وضبط، كالأعمش وابن جريجٍ والأوزاعي وشعبة والثَّوري مع صحة الإسناد إليه أيضاً، وإن كثر العدد بعده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وأشار إلى الثالث، وهو علو نسبي أيضاً بقوله: (أو) قرب مقيد (بنسبة

<<  <  ج: ص:  >  >>